التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٢١
تعالى " أولئك " يعني القاسية قلوبهم عن ذكر الله " في ضلال " أي عدول عن الحق " مبين " أي واضح ظاهر.
ثم قال " الله نزل أحسن الحديث " يعني القرآن " كتابا متشابها " نصب (كتابا) على البدل من قوله (أحسن) ومعناه " متشابها " في الحكم التي فيه من الحجج والمواعظ والاحكام التي يعمل عليها في الدين وصلاح التدبير يشبه بعضه بعضا لا تناقض فيه " مثاني " أي يثنى فيه الحكم والوعد والوعيد بتصريفها في ضروب البيان، ويثنى أيضا في التلاوة فلا يمل لحسن مسموعه في القرآن " تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم " أي تقشعر جلود المؤمنين الذين يخافون عذاب الله لما يسمعونه فيه من الوعيد " ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله " وما ضمنه الله على ذلك من الثواب. ثم قال " ذلك " يعني ما وصف به المؤمن من اقشعرار قلوب المؤمنين تارة ولينها أخرجي " هدى الله يهدي به من يشاء " أي لطف الله الذي يلطف به لمن يشاء من عباده الذين يعلم أنه لطف لهم. وقال الجبائي: انه خص به أمة محمد صلى الله عليه وآله. ثم قال " ومن يضلل الله فما له من هاد " ومعناه من أضله الله عن طريق الجنة لا يقدر أحد على هدايته إليها. ويحتمل أن يكون المراد من حكم الله بأنه ضال لا يقدر أحد ان يحكم بأنه هاد. ثم قال منبها لخلقه " أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب يوم القيامة " وتقديره كمن يدخل الجنة؟!
وجاء في التفسير أن الكافر يلقى في النار مغلولا، لا يمكنه ان يتقي النار إلا بوجهه.
ومعنى يتقي يتوفاها كما قال الشاعر:
إذا يتقون بي الأسنة لم اخم * عنها ولكني تضايق مقدمي أي يقدمونني إلى القتال فيتوقون بي حرها. وحذف كمن كان بخلاف ذلك لدلالة الكلام عليه، فان هذا لا يكون ابدا. ثم حكى الله تعالى ما يقال
(٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 ... » »»
الفهرست