التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ١٥٧
قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وأبو بكر عن عاصم " يفعلون " بالياء. الباقون بالتاء.
من قرأ بالياء، فعلى أن الله يعلم ما يفعله الكفار فيجازيهم عليه. ومن قرأ بالتاء فعلى وجه الخطاب لهم بذلك.
لما اخبر الله تعالى ان من يطلب بأعماله الدنيا أنه يعطيه شيئا منها، وانه ليس له حظ من الخير في الآخرة. وقال (أم لهم شركاء) يعني بل هؤلاء الكفار لهم شركاء في ما يفعلونه أي أشركوهم معهم في أعمالهم بأن " شرعوا لهم من الدين " الذي قلدوهم فيه " ما لم يأذن به الله " أي لم يأمر به ولا أذن فيه. ثم قال " ولولا كلمة الفصل " أي كلمة الحكم الذي قال الله: إني أؤخر عقوبتهم، ولا أعاجلهم به في الدنيا " لقضي بينهم " وفصل الحكم فيهم وعوجلوا بما يستحقونه من العذاب. ثم قال " وإن الظالمين " لنفوسهم بارتكاب المعاصي " لهم عذاب اليم " أي مؤلم أي هم مستحقون لذلك يوم القيامة. ثم قال " ترى الظالمين " يا محمد " مشفقين " أي خائفين " مما كسبوا " يعني من جزاء ما كسبوا من المعاصي وهو العقاب الذي استحقوه " وهو واقع بهم " لا محالة لا ينفعهم اشفاقهم منه، ولا خوفهم من وقوعه، والاشفاق الخوف من جهة الرقة على المخوف عليه من وقوع الامر، واصل الشفقة الرقة من قولهم ثوب مشفق أي رقيق ردئ، ودين فلان مشفق أي ردئ.
ثم قال " والذين آمنوا " بالله وصدقوا رسله " وعملوا " الافعال " الصالحات " من الطاعات " في روضات الجنات " فالروضة الأرض الخضرة بحسن النبات، والجنة الأرض التي يجنها الشجر، والبستان التي عمها النبات أي هم مستحقون للكون فيها " لهم ما يشاؤن عند ربهم " ومعناه لهم ما يشتهون من اللذات، لان
(١٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 ... » »»
الفهرست