التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ١٦١
المدينة وأهل الشام. الباقون بالفاء، وكذلك في مصاحفهم، فعلى هذا يكون جزاء وعلى الأول يكون المعنى الذي أصابكم من مصيبة بما كسبت أيديكم.
لما اخبر الله تعالى انه يقبل التوبة عن عباده وانه يعلم ما يفعلونه من طاعة أو معصية وانه يجازيهم بحسبها، ذكر انه " يستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات " يجيبهم بمعنى و (الذين) في موضع نصب، وأجاب واستجاب بمعنى واحد، قال الشاعر:
وداع دعايا من يجيب إلى الندا * فلم يستجبه عند ذاك مجيب (1) وقيل: الاستجابة موافقة عمل العامل ما يدعو إليه، لأجل دعائه إليه، فلما كان المؤمن يوافق بعمله ما يدعو النبي صلى الله عليه وآله من اجل دعائه كان مستجيبا له، وكذلك من وافق بعمله داعي عقابه كان مستجيبا للداعي بالفعل. وعن معاذ بن جبل: إن الله تعالى يجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات في دعاء بعضهم لبعض.
وقيل: معناه ويجيب المؤمنون ربهم في ما دعاهم إليه، فبكون (الذين) في موضع رفع، ويكون قوله " ويزيدهم " راجعا إلى الله أي يزيدهم الله من فضله. وقيل:
معناه ويستجيب دعاع المؤمنين، ولا يستجيب دعاء الكافرين، لأنه ثواب ولا ثواب للكافرين. وقيل: بل يجوز أن يكون ذلك إذا كان فيه لطف للمكلفين.
وقوله " ويزيدهم من فضله " معناه ويزيدهم زيادة من فضله على ما يستحقونه من الثواب. وقال الرماني: الزيادة بالوعد تصير اجرا على العمل إذا كان ممن يحسن الوعد بها من طريق الوعد، كما لو كان إنسان يكتب مئة ورقة بدينار، ورغبه ملك في نسخ مئة ورقة بعشرة دنانير، فإنه يكون الأجرة حينئذ عشرة دنانير وإذا بلغ غاية الاجر في مقدار لا يصلح عليه أكثر من ذلك، فإنما تستحق

(1) مر تخريجه في 2 / 131 و 3 / 88 و 6 / 232.
(١٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 ... » »»
الفهرست