التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٨٤
بنعم الله. ويحتمل أن يكون ذلك اخبارا من الله بأن ما ذكره هو الفضل الظاهر. وقيل: معناه وأعطينا من كل شئ من الخيرات.
وقوله " وحشر لسليمان جنوده " أي جمع له من كل جهة جنوده " من الجن والإنس والطير " قال محمد بن كعب القرطي: كان عسكره مئة فرسخ، خمسة وعشرون من الانس، وخمسة وعشرون من الجن، وخمسة وعشرون من الطير، وخمسة وعشرون من الوحش، وقوله " فهم يوزعون " معناه قال ابن عباس: يمنع أولهم على آخرهم وقال ابن زيد: يساقون. وقال الحسن: معناه يتقدمون. وقول ابن عباس أقوى، لأنه من قولهم: وزعه من الظلم إذا منعه من ذلك وكفه، قال النابغة:
على حين عاتبت المشيب على الصبي * وقلت الما أصح والشيب وازع (1) ويقولون لابد للسلطان من وازعة أي يمنع الناس عنه، وقال الشاعر:
لم يزع الهوى إذ لم توات * بلى وسلوت عن طلب العتاة (2) وقيل: معنى يوزعون يمنعون ان نزلوا عن مراتبهم بالجمع مرة، وبالتفريق أخرى، حتى يتقدموا في مسيرهم. والايزاع المنع من الذهاب، فإنما منع أول الجنود على آخرهم ليتلاحقوا، ولا يتفرقوا، كما تقدم الجيوش إذا كثرت بمثل ذلك. وقوله " حتى اتوا على واد النمل " معناه سار سليمان وجنوده حتى بلغوا واديا فيه النمل و " قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون " قيل: كانت معرفة النمل بسليمان على طريق المعجزة الخارقة للعادة له (ع) على غيره. وهذا غير لازم لأنه لا يمتنع ان تعرف البهيمة هذا الضرب كما تعرف كثيرا مما فيه نفعها وضرها فمن معرفة النملة انها تكسر الحبة بقطعتين لئلا تنبت، الا الكربزة فإنها تكسرها بأربع قطع، لأنها تنبت إذا

(1) الطبري 19 / 80 والقرطبي 13 / 168 (2) تفسير الطبري 19 / 80
(٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 ... » »»
الفهرست