التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ٤٨٣
بينهما ورب المشارق) * معناه إن إلهكم الذي يستحق العبادة واحد وهو الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما من سائر الأجناس من الحيوان والنبات والجماد * (ورب المشارق) * ومعناه ويملك التصرف فيها، والمشارق هي مشارق الشمس، وهي مطالعها بعدد أيام السنة ثلاثمائة وستون مشرقا وثلاثمائة وستون مغربا، ذكره السدي.
ثم اخبر تعالى عن نفسه، فقال * (إنا زينا السماء الدنيا) * والتزيين التحسين للشئ وجعله صورة تميل إليها النفس، فالله تعالى زين السماء الدنيا على وجه يمتع الرائي لها، وفي ذلك النعمة على العباد مع ما لهم فيها من المنفعة بالفكر فيها والاستدلال على صانعها. والكواكب هي النجوم كالبدر والسماء بها زينة قال النابغة.
بأنك شمس والملوك كواكب * إذا طلعت لم يبق منهن كوكب وقوله * (وحفظا من كل شيطان مارد) * معناه وحفظناها حفظا.
والحفظ المنع من ذهاب الشئ، ومنه حفظ القرآن بالدرس المانع من ذهابه.
والمارد الخارج إلى الفساد العظيم، وهو وصف للشياطين وهم المردة، واصله الانجراد، ومنه الأمرد، والمارد المتجرد من الخير، وقوله * (لا يسمعون) * من شدد أراد لا يتسمعون وأدغم التاء في السين، ومن خفف أراد أيضا لا يتسمعون في المعنى * (إلى الملا الاعلى) * يعني الملائكة الذين هم في السماء وقوله * (ويقذفون من كل جانب) * معناه يرمون بالشهب من كل جانب إذا أرادوا الصعود إلى السماء للاستماع * (دحورا) * أي دفعا لهم بعنف، يقال:
دحرته دحرا ودحورا، وإنما جاز أن يريدوا استراق السمع مع علمهم بأنهم لا يصلون، وانهم يحرقون بالشهب، لأنهم تارة يسلمون إذا لم يكن من
(٤٨٣)
مفاتيح البحث: القرآن الكريم (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 478 479 480 481 482 483 484 485 486 487 488 ... » »»
الفهرست