التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ١٧٦
على فعلهم يدلك على صحة ما قلناه.
وقوله * (ما ان مفاتحه) * المفتاح عبارة عما يفتح به الاغلاق، وجمعه مفاتيح ومفاتيح جمع مفتح، ومعناهما واحد، وقال قوم: كانت مفاتيحه من جلود وقال آخرون: مفاتحه خزائنه. قال الزجاج: وهو الأشبه.
وقوله * (لتنوء بالعصبة) * أي ليثقل في حمله، يقال: ناء بحمله ينوء نوءا إذا نهض به مع ثقله عليه، ومنه أخذت الأنواء، لأنها تنهض من المشرق على ثقل نهوضها. وقال أبو زيد: ناءني الحمل إذا أثقلني. والعصبة الجماعة الملتفة بعضها ببعض. وقال قتادة: العصبة ما بين العشرة إلى الأربعين. وقال ابن عباس: قد يكون العصبة ثلاث. وإنما قال لتنوء بالعصبة والمعني العصبة تنوء بها، لان المعنى تميل بها مثقلة. وقيل: هو يجري مجرى التقديم والتأخير كما قال الشاعر:
ونركب خيلا لا هوادة بينها * وتشقى الرماح بالضياطرة الحمر (1) وإنما تشقى الضياطرة بالرماح، وقال آخر:
فديت بنفسه نفسي ومالي * وما آلوه إلا ما يطيق (2) والمعنى بنفسي ومالي نفسه، وقال الفراء: كان الأصل ان يقول لتنؤ العصبة أي يثقلهم، بحذف الياء ومثله قوله، وهو مقلوب:
إن سراجا لكريم مفخرة * تحلى به العين إذا ما تجهره (3) فالوجه ان الرجل يعجب العين وكان ينبغي ان يقول يحلى بالعين، كقوله:

(1) قائله خداش بن زهير امالي الشريف المرتضى 1 / 466 واللسان (ضطر) (2) قائله عباس بن مرداس أمالي الشريف المرتضى 1 / 217 (3) مر تخريجه في 2 / 79، 196
(١٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 ... » »»
الفهرست