التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ١٦٥
نخطف خزان الشربة بالضحى * وقد حجرت منها ثعالب أورال (1) فقال الله تعالى لهم " أو لم نمكن لهم حرما آمنا " وقيل في وجه جعله الحرم آمنا وجهان:
أحدهما - بما طبع النفوس عليه من السكون إليه بترك النفور مما ينفر عنه في غيره كالغزال مع الكلب، والحمام مع الناس وغيرهم.
والوجه الآخر - بما حكم به على العباد وأمرهم أن يؤمنوا من يدخله ويلوذ به، ولا يتعرض له، وفائدة الآية إنا جعلنا الحرم آمنا لحرمة البيت مع أنهم كفار يعبدون الأصنام حتى أمنوا على نفوسهم وأموالهم، فلو آمنوا لكان أحرى بأن يؤمنهم الله، وأولى بأن يمكنهم من مراداتهم.
وقوله " يجبى إليه ثمرات كل شئ " أي يجلب إلى هذا الذي جعلناه حرما ثمرات كل شئ.
فمن قرأ بالتاء فلتأنيث الثمرات. ومن قرأ بالياء، فلان التأنيث غير حقيقي.
وقوله " رزقا من لدنا " نصب على المصدر، وتقديره رزقا رزقناه من عندنا " ولكن أكثرهم لا يعلمون " ما أنعمنا به عليهم. ثم قال " وكم أهلكنا من قرية " اي من أهل قرية استحقوا العقاب " بطرت معيشتها " قال الفراء:
معناه أبطرتها معيشتها، كقولهم أبطرك مالك، فذكرت المعيشة، لان الفعل كان لها في الأصل فحول إلى ما أضيفت إليه فنصبت كما قال " فان طبن لكم عن شئ منه نفسا " (2) فالبطر والأشر واحد، وهو شق العصا بتضييع حق نعم

(1) شرح ديوانه 166 (حسن السندوبى) (2) سورة 4 النساء آية 3
(١٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 ... » »»
الفهرست