التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٨ - الصفحة ١٢٥
والفساق. وقيل: هم من فزع الموت في الدنيا آمنون في الآخرة. وقيل: من فزع يوم القيامة في الجنة آمنون. ثم قال * (ومن جاء بالسيئة) * يعني بالمعصية الكبيرة التي هي مثل الكفر والشرك، وما جرى مجراهما. وقال جميع المفسرين:
إن السيئة - ههنا - الشرك، فان الله تعالى يكبه على وجهه في النار. ويقال:
كبه وأكبه إذا نكسه، ويقال لهم * (هل تجزون) * بهذا العقاب * (إلا) * مكافأة لما كنتم تفعلون وتعملون في دار التكليف من المعاصي.
ثم قال لنبيه * (قل) * لهم * (إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة) * يعني مكة - في قول ابن عباس - وقال غيره: منى، أي أمرت بعبادة رب هذه البلدة لم أؤمر بعبادة سواه * (التي حرمها) * وقيل: معنى (حرمها) عظم حرمتها من أن يسفك دم حرام فيها أو يظلم أحد فيها أو يصطاد صيدها أو يخلى خلاؤها وقيل: حرمها حتى أمن الوحش فيها، فلا يعدو الكلب على الغزال، ولا على الطير ولو خرج من الحرم لنفر أشد النفور، فذكر لهذه الآية في الحرم * (وله كل شئ) * أي يملك كل شئ بالتصرف فيه على وجه يريده ويختاره، وليس لاحد منعه منه * (وأمرت ان أكون من المسلمين) * الذين يسلمون بتوحيده واخلاص العبادة له مستسلمين له * (وأمرت أن أتلو القرآن) * عليكم وادعوكم إلى ما فيه * (فمن اهتدى) * إلى الحق والعمل بما فيه * (فإنما يهتدي لنفسه) * لان جزاء ذلك وثوابه يصل إليه دون غيره * (ومن ضل) * عنه وجار ولم يعمل بما فيه ولم يهتد إلى الحق * (فقل) * له يا محمد * (إنما أنا من المنذرين) * الذين يخوفون بعقاب الله من معاصيه، ويدعون إلى طاعته. وفي ذلك دلالة على فساد قول المجبرة الذين يقولون: ان الله يخلق الايمان والهداية والكفر والضلالة.
ثم امر نبيه صلى الله عليه وآله بان يقول * (الحمد لله) * اعترافا بنعمه * (سيريكم
(١٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 ... » »»
الفهرست