التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٧ - الصفحة ٢٨٩
بها أم الصبي المرضع. وإذا أسقطت الهاء، فإنه يراد بها المرأة التي معها صبي مرضعة لغيرها.
والمعنى ان الزلزلة هي شئ عظيم، في يوم ترون فيها الزلزلة، على وجه " تذهل كل مرضعة " اي يشغلها عن ولدها اشتغالها بنفسها، وما يلحقها من الخوف.
وقال الحسن: تذهل المرضعة عن ولدها لغير فطام، وتضع الحامل لغير تمام.
والذهول الذهاب عن الشئ دهشا وحيرة، تقول: ذهلت عنه ذهولا، وذهلت - بالكسر - أيضا، وهو قليل، والذهل السلو، قال الشاعر:
صحا قلبه يا عز أو كاد يذهل (1) وهذا تهويل ليوم القيامة، وتعظيم لما يكون فيه من الشدة على وجه لو كان هناك مرضعة لشغلت عن الذي ترضعه، ولو كان هناك حامل لا سقطت من هول ذلك اليوم، وإن لم يكن هناك حامل ولا مرضعة.
وقوله (وترى الناس سكارى وما هم بسكارى) معناه تراهم سكارى من الفزع، وما هم بسكارى من شرب الخمور. وإنما جاز " وترى الناس سكارى، وما هم بسكارى "، لأنها رواية تخيل. وقيل: معناه كأنهم سكارى من ذهول عقولهم لشدة ما يمر بهم، فيضطربون كاضطراب السكران من الشراب. وقرأ أبو هريرة (وترى الناس) بضم التاء، والناس منصوب على أنه مفعول ثان. وتقديره وترى أن الناس. وتكون " سكارى " نصبا على الحال. ومن قرأ " سكرى " جعله مثل جرحى وقتلى. وقيل: هما جمعان كسكران وسكرانة، قال أبو زيد: يقولون: مريض ومراضى، ومرضى. فمن قرأ " سكرى " فلان السكر كالمرض والهلاك، فقالوا:

(1) تفسير الطبري 17 / 80.
(٢٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 284 285 286 287 288 289 290 291 292 293 294 ... » »»
الفهرست