التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٧ - الصفحة ٢٨٥
دليل وبرهان. وقيل: معناه إنه يبلغ رضوان الله ومحبته وجزيل ثوابه " لقوم عابدين " لله مخلصين له.
ثم قال لنبيه محمد صلى الله عليه وآله (وما أرسلناك) يا محمد (إلا رحمة للعالمين) أي نعمة عليهم، ولان ترحمهم.
وفي الآية دلالة على بطلان قول المجبرة في أنه: ليس لله على الكافرين نعمة.
لأنه تعالى بين ان إرسال الله رسوله نعمة على العالمين. وعلى كل من أرسل إليهم.
ووجه النعمة على الكافر انه عرضه للايمان ولطف له في ترك معاصيه. وقيل: هي نعمة على الكافر بأن عوفي مما أصاب الأمم قبلهم من الخسف والقذف - في قول ابن عباس - ثم قال له صلى الله عليه وآله قل لهم (إنما يوحي إلي أنما إلهكم إله واحد فهل أنتم مسلمون) اي مسلمون لهذا الوحي الذي أوحي إلي، من اخلاص الإلهية والعبادة لله تعالى. ثم قال (فان تولوا) يعني إن اعرضوا عن هذا الذي تدعوهم إليه من إخلاص التوحيد، فقل لهم (آذنتكم على سواء) أي أعلمتكم على سواء في الايذان تتساوون في العلم به لم اظهر بعضكم على شئ كتمته عن غيره، وهو دليل على بطلان قول أصحاب الرموز، وأن للقرآن بواطن خص بالعلم بها أقوام. وقيل على سواء (في العلم اني صرت مثلكم، ومثله قوله " فانبذ إليهم على سواء) (1) أي ليستوي علمك وعلمهم. وقيل معناه: لتستووا في الايمان به.
وقوله (وإن أدري أقريب أم بعيد ما توعدون) معناه لست اعلم أن ما وعدكم الله به من العقاب أقريب مجيؤه أم بعيد. وقوله (وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين) اي لست أدري لعل التأخير شدة في عبادتكم يظهر بها ما هو كالسر فيكم من خير أو شر، فيخلص الجزاء بحسب العمل. واصل الفتنة التخليص

(1) سورة 8 الأنفال آية 59. وما بين القوسين ساقط من المطبوعة.
(٢٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 280 281 282 283 284 285 286 287 288 289 290 ... » »»
الفهرست