التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٧ - الصفحة ١٥١
عهدا. والعهد المراد به الايمان. والاقرار بوحدانيته وتصديق أنبيائه، فان الكفار لا يشفع لهم. وقال الزجاج (من) في موضع رفع بدلا من الواو والنون في قوله (لا يملكون الشفاعة). والمعنى لا يملك الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا وهو الايمان.
ثم اخبر تعالى عن الكفار بأنهم (قالوا اتخذ الرحمن ولدا) كما قال النصارى:
إن المسيح ابن الله، واليهود قالت عزير ابن الله. فقال الله لهم على وجه القسم (لقد جئتم) بهذا القول (شيئا إدا) أي منكرا عظيما - في قول ابن عباس ومجاهد وقتادة وابن زيد، قال الراجز:
لقد لقي الاعداء مني نكرا * داهية دهياء إدا إمرا (1) وقال الآخر:
في لهب منه وحبل إد (2) ثم قال تعالى تعظيما لهذا القول " تكاد السماوات " وقرئ بالتاء والياء. فمن قرأ بالتاء فلتأنيث السماوات ومن ذكر، فلان التأنيث غير حقيقي. وقال أبو الحسن:
معنى تكاد السماوات تريد كقوله " كدنا ليوسف " أي أردنا، وانشد:
كادت وكدت وتلك خير إرادة * لو عاد من لهو الصبابة ما مضى (3) ومثله قوله تعالى (أكاد أخفيها) أي أريد ومعنى (تكاد) في الآية تقرب لان السماوات لا يجوز ان ينفطرن ولا يردن لذلك، ولكن هممن بذلك، وقربن منه اعظاما لقول المشركين. وقال قوم: معناه على وجه المثل، لان العرب تقول إذا أرادت امرا عظيما منكرا: كادت السماء تنشق والأرض تنخسف، وأن يقع السقف.

(١) مر تخريجه في ٧ / ٧٣ من هذا الكتاب (٢) تفسير الطبري ١٦ / ٨٦ (٣) تفسير القرطبي ١١ / 184 وهو في مجمع البيان 3 / 530
(١٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 157 ... » »»
الفهرست