التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٣٩٤
الأرض في جميع القرآن، لان طبقاتها السبع خفية عن الحس وليس كذلك السماوات. وقوله " ألا ان وعد الله حق ولكن أكثرهم لا يعلمون " صحة ذلك لجهلهم به تعالى وبما يجوز عليه وما لا يجوز، وجهلهم بصحة ما أتى به النبي صلى الله عليه وآله قوله تعالى هو يحيي يميت وإليه ترجعون (56) آية.
في هذه الآية اخبار منه تعالى أن الذي يملك التصرف في السماوات والأرض هو الذي يحيي الخلق بعد كونهم أمواتا وهو الذي يميتهم إذا كانوا أحياء. ثم يرجعون إليه يوم القيامة فيجازيهم بمثل أعمالهم إن كانوا مطيعين بالثواب الدائم، وان كانوا كفارا بالعقاب الدائم. قال أبو علي: في هذه الآية دلالة على أنه لا يقدر على الحياة إلا الله لأنه تعالى تمدح بكونه قادرا على الاحياء والإماتة، فلو كان غيره قادرا على الحياة لما كان في ذلك مدح. وفيها دلالة على كونه قادرا على الإعادة لان من قدر على النشأة الأولى يقدر على النشأة الثانية.
قوله تعالى:
يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين (57) آية هذا خطاب من الله تعالى للمكلفين من الناس يخبرهم الله تعالى بأنه أتاهم موعظة من الله. والموعظة ما يدعوا إلى الصلاح ويزجر عن القبيح بما يتضمنه من الرغبة والرهبة ويدعو إلى الخشوع والنسك، ويصرف عن الفسوق والاثم، ويريد بذلك القرآن وما أتى به النبي صلى الله عليه وآله من الشريعة. وقوله " وشفاء لما في الصدور " فالشفاء معنى كالدواء لإزالة الداء. فداء الجهل أضر من داء البدن وعلاجه أعسر
(٣٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 389 390 391 392 393 394 395 396 397 398 399 ... » »»
الفهرست