التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٢٢٤
على عمومه فيدخل فيه جميع ذلك، وهو الأولى والأليق بالظاهر، وهو اختيار الطبري، والرماني ويكون ذلك على حال خفة النفير وثقله لان هذا الذي ذكر يجري مجرى التمثيل لما يعمل هذا العمل به.
وقوله " وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم " أمر من الله لهم بأن يجاهدوا في قتال أعدائه بأموالهم وأنفسهم. والجهاد بالمال واجب كالجهاد الأنفس، وهو الانفاق في سبيل الله، وظاهر الآية يدل على وجوب ذلك بحسب الامكان. فمن لم يطق الجهاد إلا بالمال فعليه ذلك يعين به من ليس له مال.
وظاهر الآية يقتضي وجوب مجاهدة البغاة كما يجب مجاهدة الكفار، لأنه جهاد في سبيل الله، ولقوله " فقاتلوا التي تبغي حتى تفئ إلى امر الله " (1) فأوجب قتال البغاة إلى حين يرجعوا إلى الحق. وقوله " ذلكم خير لكم " إشارة إلى الجهاد وتقديره ذلك الجهاد خير لكم. وإنما قال " خير لكم " وان لم يكن في ترك الجهاد خير، لاحد أمرين: أحدهما - خير من تركه إلى المباح. والثاني - ان فيه الخير لكم لا في تركه، فلا يكون خير بمعنى أفعل من كذا.
وقوله " إن كنتم تعلمون " معناه إن كنتم تعلمون الخير في الجملة فاعلموا أن هذا خير. وقال أبو علي: معناه " ان كنتم تعلمون " صدق الله فيما وعد به من الثواب الدائم.
وقال أبو الضحى: أول ما نزل من سورة براءة " انفروا ".
وقال مجاهد: أول ما نزل قوله " لقد نصركم الله.
وقال ابن عباس: نسخ هذه الآية قوله " وما كان المؤمنون لينفروا كافة " (2).
وقال جعفر بن قيس: هذا ليس بمنسوخ، لان المنسوخ ما لا يجوز فعله.
وهذا ليس بصحيح، لأنه يجوز أن يكون وجوبه زال إلى الندب أو الإباحة.

(1) سورة 49 الحجرات آية 9 (2) سورة 9 التوبة آية 123
(٢٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 219 220 221 222 223 224 225 226 227 228 229 ... » »»
الفهرست