التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ١٢٨
لطف الله مع ذلك لوقع على الاختلاف كما قال الشاعر:
جرت الرياح على محل ديارهم * فكأنما كانوا على ميعاد وقوله " ليقضي الله امرا كان مفعولا " معناه ليفصل الله امرا كان مفعولا من عز الاسلام وعلو أهله على عبدة الأوثان وغيرهم من الكفار بحسن تدبيره ولطفه.
وقوله " ليهلك من هلك عن بينة " معناه ليهلك من هلك عن قيام حجة عليه بما رأى من المعجزات الباهرات للنبي صلى الله عليه وآله في حروبه وغيرها " ويحيى من حي عن بينة " يعني ليستبصر من استبصر عن قيام حجة، فجعل الله المتبع للحق بمنزلة الحي، وجعل الضال بمنزلة الهالك.
وقوله: " وإن الله لسميع عليم " معناه " سميع " لما يقوله القائل في ذلك " عليم " بما يضمره، فهو يجازيه بحسب ما يكون منه.
قوله تعالى إذ يريكهم الله في منامك قليلا ولو أريكهم كثيرا لفشلتم ولتنازعتم في الامر ولكن الله سلم إنه عليم بذات الصدور (44) آية.
التقدير واذكر يا محمد " إذ يريكهم الله في منامك قليلا " والهاء والميم كناية عن الكفار الذين قاتلوه يوم بدر " ولو أراكهم كثيرا لفشلتم ولتنازعتم في الامر " وهذه الرؤية كانت في المنام عند أكثر المفسرين. والرؤيا في المنام تصور يتوهم معه الرؤية في اليقظة والرؤيا على أربعة أقسام: رؤيا من الله عز وجل، ولها تأويل ورؤيا من وسوسة الشيطان، ورؤيا من غلبة الاخلاط، ورؤيا من الأفكار، وكلها أضغاث أحلام إلا الرؤيا من قبل الله تعالى التي هي إلهام في المنام يتصور به الشئ
(١٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 ... » »»
الفهرست