فتح المعين - حسن بن علي السقاف - الصفحة ٥٩
وعطشت). فقد علم المحفوظون والملفوظون والعالم والجاهل، أن ذلك كناية عمن تتعلق به هذه النقائص، ولكنه أضافها إلى نفسه الكريمة المقدسة تكرمة لوليه، وتشريفا واستلطافا للقلوب وتليينا.
وإذا جاءت الألفاظ المحتملة التي تكون للكمال بوجه، وللنقصان بوجه، وجب على كل مؤمن حصيف (85) أن يجعلها كناية عن المعاني التي تجوز عليه، وينفي ما لا يجوز عليه. فقوله في اليد والساعد والكف والإصبع، عبارات بديعة، تدل على معان شريفة، فان الساعد عند العرب، عليها كانت تعول في القوة والبطش والشدة، فأضيف الساعد لله، لأن الأمر كله لله، كذلك قوله: (إن الصدقة تقع في يد الرحمن)، عبر بها عن كف المسكين، تكرمة له، وما يقلب بالأصابع يكون أيسر وأهون، ويكون أسرع، وانظر بقية كلامه في (2 / 42) من الكتاب المذكور، وهو كلام نفيس للغاية.
(الثانية): قال الحافظ ابن الجوزي في كتاب دفع شبه التشبيه: رأيت من أصحابنا من تكلم في الأصول بما لا يصلح. فصنفوا كتبا شانوا بها المذهب، ورأيتهم قد نزلوا إلى مرتبة العوام، فحملوا الصفات على مقتضى الحس، فسمعوا أن الله خلق آدم على صورته، فاثبتوا له صورة ووجها زائدا على الذات، وفما ولهوات وأضراسا (86)

(٨٥) عاقل.
(٨٦) قال الإمام الحافظ ابن الجوزي في كتابه الباز الأشهب ص (٩٠):
وقد روى في حديث موقوف: (فضحك حتى بدت لهواته وأضراسه) ذكره الخلال في كتاب السنة. وقال المروزي: قلت لأبي عبد الله - يعني أحمد بن حنبل - ما تقول في هذا الحديث..؟ قال: هذا بشع. قال: ثم على تقدير الصحة يحتمل أمرين:
أحدهما: أن يكون ذلك راجعا إلى النبي (ص) كأنه ضحك حين أخبر بضحك الرب، حتى بدت لهواته وأضراسه كما روي أنه ضحك حتى بدت نواجذه، وهذا هو الصحيح لو ثبت الحديث، وإنما هو مقطوع.
الثاني: أن يكون تجوزا من كثرة الكرم وسعة الرضا كما جوز بقوله: (ومن أتاني يمشي أتيته هرولة).
قال القاضي: لا يمتنع الأخذ بظاهر الأحاديث في إمرارها على ظواهرها من غير تأويل لأنا لا نثبت ضحكا هو فتح الفم ولا أضراسا ولهوات وجوارحا وأبعاضا.
قلت: وا عجبا قد أثبت لله صفاتا بأحاديث وألفاظ لا تصح. قال أحدهم: وإذا لم يثبته ضحكا معقولا فقد تأول ولا يدري وواعجبا قد عرف أن الضحك يشار به إلى الفضل والأنعام. فالأضراس ما وجهها؟ والله لو رويت في الصحيحين وجب ردها، فكيف وما ثبتت أصلا؟! وقد روى أحمد: لو أن الناس اعتزلوهم يعني الأمراء فقال: اضرب على هذا. وهذا الحديث في الصحيحين فكيف بحديث لا يثبت يخالف المنقول والمعقول؟! ومن أثبت الأضراس صفة فما عنده من الإسلام خبر. اه‍ كلام الحافظ ابن الجوزي قلت: حديث اللهوات والأضراس في صحيح أبي عوانة (١ / ١٣٩) قال أبو عوانة: حدثنا عباس الدوري ثنا يحى بن معين قال ثنا حجاج بن محمد عن ابن جريج (ح) وحدثني عبد الله بن أحمد وأحمد أخي قالا ثنا إسحاق بن منصور قال ثنا روح قال حدثنا ابن جريج قال ثنا أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يسأل عن الورود فقال: نحن يوم القيامة - فذكر مثله - فيقولون حتى ننظر إليك فيتجلى لهم يضحك قال سمعت رسول الله يقول حتى يبدو لهواته وأضراسه فينطلق ربهم فيتبعونه... اه‍. قلت: وهذا حديث شاذ منكر لا أشك في وضعه وأنه مكذوب. ومثله ما في كتاب السنة المنسوب لابن أحمد (ص / 190 بتحقيق زغلول) وذكر بسنده عن عبد الله بن عمرو قال: خلقت الملائكة من نور الذراعين والصدر اه‍ وهو كذب بلا ريب وهل يعقل مسلم أن لله هذه الأعضاء فتبا لعقول المجسمة الذين يوردون مثل هذه الأقوال الباطلة غير منبهين على بطلانها.
(٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 توطئة 3
2 تقديم 4
3 فتح المعين بنقد كتاب الأربعين 11
4 مقدمة 12
5 نقد باب إيجاب قبول صفة الله تعالى 16
6 نقد في باب الرد على من رأى كتمان أحاديث صفات الله تعالى 19
7 نقد باب أن الله تبارك وتقدس وتعالى شيء 23
8 نقد باب أن الله عز وجل شخص 24
9 تنبيه 25
10 نقد باب إثبات النفس لله عز وجل 26
11 نقد باب الدليل على أنه تعالى في السماء 27
12 نقد باب وضع الله عز وجل قدمه على الكرسي 29
13 نقد باب إثبات الحد لله عز وجل 31
14 نقد باب في إثبات الجهات لله عز وجل 32
15 نقد باب إثبات الصورة له عز وجل 34
16 نقد باب إثبات العينين له تعالى وتقدس 36
17 نقد باب إثبات اليدين لله عز وجل 38
18 نقد باب خلق الله الفردوس بيده 39
19 نقد باب إثبات الخط لله عز وجل 41
20 نقد باب أخذ الله صدقة المؤمن بيده 42
21 نقد باب إثبات الأصابع لله عز وجل 43
22 نقد باب إثبات الضحك لله عز وجل 46
23 نقد باب إثبات القدم لله عز وجل 48
24 نقد باب الدليل على أن القدم هو الرجل 51
25 نقد باب إثبات الهرولة لله عز وجل 53
26 نقد باب إثبات نزوله إلى السماء الدنيا 54
27 نقد باب إثبات رؤيتهم إياه عز وجل في الجنة 57
28 خاتمة فيها مسائل 58
29 بيني وبين الشيخ بكر 67