فتح المعين - حسن بن علي السقاف - الصفحة ٣٥
بعضها، مما يؤكد أن لفظ الصورة من تصرف الرواة، ثم قوله في الحديث: (فيأتيهم بغير صورته) وقوله: (فيأتيهم بصورته التي يعرفونها) ظاهره يفيد أن الله يتشكل بصور مختلفة فتارة يأتي بصورته الحقيقية التي يعرفونها وتارة بغيرها، وذلك باطل قطعا والحديث ظني مردود المعنى (مع صحة سنده) بقول الله تعالى: (ليس كمثله شئ) والحديث من مشكل الصحيحين، وبلغني أن ابن الجوزي ذكره في كتابه مشكل الصحيحين وهو كتاب مخطوط. وهذا الحديث بنظري شاذ المعنى. لا يجوز الأخذ بظاهره. وقد أفضت الكلام عليه في (الأدلة المقومة لاعوجاجات المجسمة).
ويتحقق مما ذكرناه أن هذه الطائفة التي تثبت الصورة لله تعالى الآن في هذا الزمان ينطبق عليهم قوله تعالى: (فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله) كما ينطبق عليهم قول رسول الله (ص) كما في الفتح (8 / 209) بعد تلاوته لهذه الآية: (إذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم) رواه البخاري، قال الحافظ في الفتح (8 / 210): وقيل المحكم ما عرف المراد منه إما بالظهور وإما بالتأويل والمتشابه ما استأثر الله بعلمه... وذكر الأستاذ أبو منصور البغدادي أن الأخير هو الصحيح عندنا اه‍ كلام الحافظ فتأمل.
(39) رواه البخاري في الاستيذان ومسلم في البر 115. وفي رواية ضعيفة منكرة ورد هذا الحديث بلفظ (لا تقبحوا الوجه، فان ابن آدم خلق على صورة الرحمن) أو نحو ذلك، فزيادة لفظة الرحمن آخر الحديث، من تصرف الرواة، وقد ردها ابن خزيمة في كتابه العكر الذي ندم على تصنيفه المسمى بكتاب (التوحيد) وذكر لها عللا ثلاثا، انظر تعليق الإمام الكوثري على الأسماء والصفات ص (291) وله علل أخرى ذكرتها في الأدلة المقومة، (وصورة الرحمن) هنا أنكرها ابن خزيمة والمازري وأبو ثور والذهبي وكذا الألباني أفيرمي حماد الأنصاري والتويجري والفقيهي ومن على شاكلتهم هؤلاء بالتجهم والتعطيل؟! أم أنهم يتغاضون عنهم كما تغاضوا عن الحداد؟!
ومعنى حديث: (ان الله خلق آدم على صورته) يعلم من مناسبة وروده، قال الحافظ في الفتح (5 / 183): وقد أخرج البخاري في الأدب المفرد وأحمد من طريق ابن عجلان عن سعيد عن أبي هريرة مرفوعا: (لا تقولن قبح الله وجهك ووجه من أشبه وجهك فان الله خلق آدم عل صورته) وهو ظاهر في عود الضمير على المقول له ذلك، وكذلك أخرجه ابن أبي عاصم أيضا من طريق أبي رافع عن أبي هريرة بلفظ: " (إذا قاتل أحدكم فليجتنب الوجه فان الله خلق آدم على صورة وجهه اه‍.
فالنبي (ص) مر على رجل يضرب غلامه على وجهه أو يقول له قبح الله وجهك فقال له النبي ذلك. فتأمل.
(٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 توطئة 3
2 تقديم 4
3 فتح المعين بنقد كتاب الأربعين 11
4 مقدمة 12
5 نقد باب إيجاب قبول صفة الله تعالى 16
6 نقد في باب الرد على من رأى كتمان أحاديث صفات الله تعالى 19
7 نقد باب أن الله تبارك وتقدس وتعالى شيء 23
8 نقد باب أن الله عز وجل شخص 24
9 تنبيه 25
10 نقد باب إثبات النفس لله عز وجل 26
11 نقد باب الدليل على أنه تعالى في السماء 27
12 نقد باب وضع الله عز وجل قدمه على الكرسي 29
13 نقد باب إثبات الحد لله عز وجل 31
14 نقد باب في إثبات الجهات لله عز وجل 32
15 نقد باب إثبات الصورة له عز وجل 34
16 نقد باب إثبات العينين له تعالى وتقدس 36
17 نقد باب إثبات اليدين لله عز وجل 38
18 نقد باب خلق الله الفردوس بيده 39
19 نقد باب إثبات الخط لله عز وجل 41
20 نقد باب أخذ الله صدقة المؤمن بيده 42
21 نقد باب إثبات الأصابع لله عز وجل 43
22 نقد باب إثبات الضحك لله عز وجل 46
23 نقد باب إثبات القدم لله عز وجل 48
24 نقد باب الدليل على أن القدم هو الرجل 51
25 نقد باب إثبات الهرولة لله عز وجل 53
26 نقد باب إثبات نزوله إلى السماء الدنيا 54
27 نقد باب إثبات رؤيتهم إياه عز وجل في الجنة 57
28 خاتمة فيها مسائل 58
29 بيني وبين الشيخ بكر 67