فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٥ - الصفحة ٨٤
6463 - (الكمأة) بفتح الكاف وسكون الميم وبعدها همزة شئ أبيض كالشحم ينبت بنفسه (من المن) الذي نزل على بني إسرائيل أي مما خلقه الله لهم في التيه كان ينزل عليهم في شجرهم مثل السكر أو هو الترنجبين أو من شئ يشبهه طبعا أو طعما أو نفعا أو من حيث حصولها بلا تعب لكونه ينبت بنفسه بغير استنبات أو أراد بالمن النعمة وزعم أن المراد به مما من الله به على عباده يأباه ظاهر السبب وهو أن جمعا من الصحب قالوا: ما نرى الكمأة إلا الشجرة التي اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار والله ما نرى لها أصلا في الأرض ولا فرعا في السماء وقال قوم: هي جدوى الأرض فلا نأكلها فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فذكره (وماءها شفاء للعين) إذا خلط بالدواء كالتوتيا لا مفردا فإنه يؤذيها وقال النووي:
بل مطلقا وقيل إن كان الرمد حارا فماؤها البحت شفاء وإلا فمخلوطا قال الديلمي: أنا جربت ذلك أمرت أن تقطر عين جارية بمائها وقد أعيي الأطباء علاجها فبرأت وقال ابن القيم: اعترف فضلاء الأطباء كالمسيحي وابن سينا بأن الكمأة تجلو العين. (حم ق ت عن سعيد بن زيد حم ن ه عن أبي سعيد) الخدري (وجابر) بن عبد الله (أبو نعيم في) كتاب (الطب) النبوي (عن ابن عباس وعن عائشة).
6464 - (الكمأة من المن) مصدر بمعنى المفعول أي الممنون به (والمن من الجنة وماؤها شفاء للعين) أي شفاء من داء العين إذا خلط مع أدوية لا مفردا ذكره الزمخشري قال ابن جرير: وإنما خص الكمأة مع مشاركة الكشوت في حدوثه في العراق بلا أصل لأنه يقتني ثم يربي وينمو فينمو بخلاف الكمأة وقال بعضهم: أشار بإدخال من على المن إلى أنها فرد من أفراده فالترنجبين فرد من أفراد المن وإن غلب استعمال المن عليه عرفا والمن أنواع من النبات الذي يؤخذ عفوا بلا علاج وماؤها شفاء للعين أي شفاء لداء العين إذا خلط بغيره من الأدوية اللائقة لا مفردا ذكره الزمخشري وحكى إبراهيم بن الحارث عن صالح وعبد الله بن أحمد بن حنبل أنهما اشتكيا أعينهما فأخذا الكمأة وعصراها واكتحلا بمائها فهاجت أعينهما ورمدا قال ابن الجوزي: وحكى شيخنا ابن عبد الباقي أن رجلا عصر ماءها واكتحل به فذهبت عينه قال ابن حجر: والذي يزيل الإشكال عن هذا الاختلاف أن الكمأة كغيرها خلق في الأصل سليما من المضار ثم عرضت له آفات من نحو جوار وامتزاج فالكمأة في الأصل نافع وإنما عرض له المضار بالمجاورة واستعمال كل ما وردت به السنة بصدق ينفع مستعمله ويدفع عنه الضرر لنيته والعكس بالعكس. (أبو نعيم) في الطب (عن أبي سعيد) الخدري.
(٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 ... » »»
الفهرست