شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٢ - الصفحة ٢٤٩
على أن هذا لو كان على ما قاله لم يحسن من هذا التسليم ومن ذاك القتال، لان المقاتل قد يكون مغررا ملقيا بيديه إلى التهلكة والمسالم مضيعا للامر مفرطا، وإذا كان عند صاحب الكتاب التسليم والقتال إنما كانا عن ظن وأمارات فليس يجوز أن يغلب على الظن بأن الرأي في القتال مع ارتفاع أمارات التمكن ولا أن يغلب في الظن المسالمة مع قوة أمارات التمكن (1).
قلت: أما القول في صحة الاجتهاد وبطلانه فله مواضع غير هذا الموضع وكذلك القول في تقية الامام واستصلاحه وفعله مالا يسوغ لضرب من السياسة والتدبير.
وأما مسائل الجد فلم يعترض المرتضى قول قاضى القضاة فيها وأما قاضى القضاة فقد استبعد بل أحال أن تكون مسألة واحدة بعينها تحتمل سبعين حكما مختلفه فحمل الحديث على أن عمر أفتى في باب ميراث الأجداد والجدات بسبعين فتيا في سبعين مسألة مختلفة الصور وذلك دليل على علمه وفقهه وتمكنه من البحث في تفاريع المسائل الشرعية هذا هو جواب قاضى القضاة فكيف يعترض بقوله كلا الامرين واحد فيما قصدناه لان حكم الله لا يختلف في المسألة الواحدة والمسائل المتعددة أليس هذا اعتراض من ظن أن قاضى القضاة قد اعترض بتناقض أحكامه ولكن لا في مسألة بعينها بل في مسائل من باب ميراث الجد! ولم يقصد قاضى القضاة ما ظنه والوجه أن يعترض قاضى القضاة فيقال: إن الرواة كلهم اتفقوا على أن عمر تلون تلونا شديدا في الجد مع الاخوة كيف يقاسمهم؟ وهي مسألة واحدة فقضى فيها بسبعين قضية فأخرجوا الرواية مخرج التعجب من تناقض فتاويه ولم يخرج أحد من المحدثين الرواية مخرج المدح له بسعة تفريعه في الفقه والمسائل فلا يجوز صرف الرواية عن الوضع الذي وردت عليه.

(1) الشافي 256.
(٢٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 244 245 246 247 248 249 250 251 252 253 254 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 223 - من كلام له عليه السلام في شأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه 3
2 نكت من كلام عمر وسيرته وأخلاقه 6
3 خطب عمر الطوال 108
4 عود إلى ذكر سيرته وأخباره 112
5 نبذ من كلام عمر 116
6 أخبار عمر مع عمرو بن معد يكرب 118
7 فصل فيما نقل عن عمر من الكلمات الغريبة 120
8 ذكر الأحاديث الواردة في فضل عمر 177
9 ذكر ما ورد من الخبر عن إسلام عمر 182
10 تاريخ موت والأخبار الواردة بذلك 184
11 فصل في ذكر ما طعن به على عمر والجواب عنه 195
12 الطعن الأول: ما ذكروا عنه من قوله عندما علم بموت الرسول عليه السلام، والجواب عن ذلك 195
13 الطعن الثاني: ما ذكروا من أنه أمر برجم حامل حتى نبهه معاذ، والجواب عن ذلك 202
14 الطعن الثالث: ما ذكروا من خبر المجنونة التي أمر برجمها، والجواب عن ذلك 205
15 الطعن الرابع. ما ذكروه من أنه منع من المغالاة في صدقات النساء، والجواب عن ذلك 208
16 الطعن الخامس: ما ذكروه أنه كان يعطى من بيت المال مالا يجوز، والجواب عن ذلك 210
17 الطعن السادس: ما ذكروه أنه عطل حد الله في المغيرة بن شعبة، والجواب عن ذلك 227
18 الطعن السابع: ما ذكروه أنه كان يتلون في الأحكام، والجواب عن ذلك 246
19 الطعن الثامن: ما ذكروه من قوله في المتعة، والجواب عن ذلك 251
20 الطعن التاسع: ما روى عنه في قصة الشورى، وكونه خرج بها عن الاختيار والنص جميعا، والجواب عن ذلك 256
21 الطعن العاشر: ما ذكروه من قولهم: إنه أبدع في الدين مالا يجوز، والجواب عن ذلك 281