وفى حديثه (ليس الفقير الذي لا مال له إنما الفقير الأخلق الكسب) (1).
قال أراد الرجل الذي لا يرزأ في ماله ولا يصاب بالمصائب وأصله أن يقال للجبل المصمت الذي لا يؤثر فيه شئ: أخلق وصخرة خلقاء إذا كانت كذلك فأراد عمر أن الفقر الأكبر إنما هو فقر الآخرة لمن لم يقدم من ماله لنفسه شيئا يثاب عليه هناك وهذا نحو قول النبي صلى الله عليه وآله (ليس الرقوب (2) الذي لا يبقى له ولد إنما الرقوب الذي لم يقدم من ولده أحدا).
فهذا ما لخصته من غريب كلام عمر من كتاب أبى عبيد.
* * * فأما ما ذكره ابن قتيبة من غريب حديثه في كتابه فأنا ألخص منه ما أنا ذاكره.
قال ابن قتيبة فمن غريب حديث عمر أنه خطب فقال إن أخوف ما أخاف عليكم أن يؤخذ الرجل المسلم البرئ عند الله فيدسر كما يدسر الجزور ويشاط لحمه كما يشاط لحم الجزور يقال عاص وليس بعاص فقال علي عليه السلام فكيف ذاك ولما تشتد البلية وتظهر الحمية وتسبى الذرية وتدقهم الفتن دق الرحى بثفالها (3)!.
قال ابن قتيبة يدسر أي يدفع ومنه حديث ابن عباس ليس في العنبر زكاة إنما هو شئ يدسره البحر (4).
ويشاط لحمه أي يقطع ويبضع والأصل في الإشاطة الاحراق فاستعير، وفى الحديث (إن زيد بن حارثة قاتل يوم مؤتة حتى شاط في رماح القوم.
والثفال جلدة تبسط تحت الرحى فيقع عليها الدقيق.