شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ٢٥٠
قبله، والعاشرة وما العاشرة! بها شاد مجده، وعلا ذكره، أن يخرج من بيته فلا يستقبله أحد من الناس ألا رأى أنه دونه.
قال يونس بن حبيب كان عندنا بالبصرة جندي عابد، فأحب الغزو، فلما خرج شيعته، فقلت: أوصني، فقال: أوصيك بتقوى الله، وأوصيك بالقرآن، فإنه نور الليل المظلم، وهدى النهار المشرق، فاعمل به على ما كان من جهد وفاقة، فإن عرض بلاء فقدم مالك دون نفسك، فإن تجاوز البلاء فقدم مالك ونفسك دون دينك. واعلم أن المحروب من حرب دينه، والمسلوب من سلب يقينه. إنه لا غنى مع النار، ولا فقر مع الجنة، وإن جهنم لا يفك أسيرها، ولا يستغنى فقيرها.
ابن المبارك، كان فيما مضى جبار يقتل الناس على أكل لحوم الخنازير، فلم يزل الامر يترقى حتى بلغ إلى عابد مشهور، فأراده على أكلها، وهدده بالقتل، فشق ذلك على الناس.
فقال له صاحب شرطته: إني ذابح لك غدا جديا، فإذا دعاك هذا الجبار لتأكل، فكل فإنما هو جدي فلما دعاه ليأكل أبى أن يأكل، فقال: أخرجوه واضربوا عنقه. فقال له الشرطي: ما منعك أن تأكل من لحم جدي؟ قال: إني رجل منظور إلى، وإني كرهت أن يتأسى بي الناس في معاصي الله. فقدمه فقتله.
سفيان الثوري، كان رجل يبكى كثيرا، فقال. له أهله: لو قتلت قتيلا ثم أتيت وليه فرآك تبكي هذا البكاء لعفا عنك، فقال: قد قتلت نفسي، فلعل وليها يعفو عنى.
وكان أيوب السختياني كثير البكاء، وكان يغالط الناس عن بكائه، يبكى مره فيأخذ أنفه، ويقول الزكمة ربما عرضت لي، ويبكي مرة، فإذا استبان من حوله بكاءه، قال: إن الشيخ إذا كبر مج. (1)

(1) الماج: من يسيل لعابه كبرا وهرما.
(٢٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 245 246 247 248 249 250 251 252 253 254 255 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 124 - من كلام له عليه السلام في حث أصحابه على القتال 3
2 عود إلى أخبار صفين 9
3 125 - من كلام له عليه السلام في الخوارج لما أنكروا تحكيم الرجال، ويذم فيه أصحابه في التحكيم 103
4 126 - من كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء وتصبيره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولى السابقات والشرف 109
5 127 - من كلام له عليه السلام في الاحتجاج على الخوارج والنهى عن الفرقة 112
6 مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر 113
7 فصل في ذكر الغلاة من الشيعة والنصيرية وغيرهم 119
8 128 - من كلام له عليه السلام فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة 125
9 أخبار صاحب الزنج وفتنته وما انتحله من عقائد 126
10 فصل في ذكر جنكز خان وفتنة التتر 218
11 129 - من خطبة له في ذكر المكاييل والموازين 244
12 نبذ من أقول الصالحين والحكماء 246
13 130 - من كلام له عليه السلام لأبي ذر رحمة الله لما أخرج إلى الربذة 252
14 131 - من كلامه له عليه السلام في حال نفسه وأوصاف الإمام 263
15 132 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه 268
16 133 - من خطبة له عليه السلام في صفة القرآن وصفة النبي وأوصاف الدنيا 272
17 فصل في الجناس وذكر أنواعه 276
18 134 - ومن كلام له عليه السلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج 296
19 غزوة فلسطين وفتح بيت المقدس 298
20 135 - ومن كلام له عليه السلام وقد وقع بينه وبين عثمان مشاجرة 301
21 فصل في نسب ثقيف وطرف من أخبارهم 303