شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ٢٤٩
مكدود وعاشقها مجهود، وتاركها محمود. العاقل من قلاها وسلا عنها. والظريف من عافها وأنف منها، والسعيد من غمض بصره عن زهرتها، وصرفه عن نضرتها، وليس لها فضيلة إلا دلالتها على نفسها، وإشارتها إلى نقصها، ولعمري إنها لفضيلة لو صادفت قلبا عقولا لا لسانا قؤولا، وعملا مقبولا لا لفظا منقولا. فإلى الله الشكوى من هوى مطاع، وعمر مضاع، فبيده الداء والدواء، والمرض والشفاء.
قال أبو حرة: أتينا بكر بن عبد الله المري نعوده فدخلنا عليه وقد قام لحاجته فجلسنا، ننتظره، فأقبل إلينا يتهادى بين رجلين، فلما نظر إلينا سلم علينا، ثم قال: رحم الله عبدا أعطى قوة فعمل بها في طاعة الله، أو قصر به ضعف فكف عن محارم الله.
وقال بكر بن عبد الله مثل الرجل في الدنيا مثل رجل له ثلاثة خلان، قال له أحدهم: أنا خازنك خذ منى ما شئت، فاعمل به ما شئت، وقال الآخر: أنا معك أحملك وأضعك، فإذا مت تركتك، وقال الآخر: أنا أصحبك أبدا، حياتك وموتك، فأما الأول فماله، وأما الثاني فعشيرته، وأما الثالث فعمله.
قيل للزهري: من الزاهد في الدنيا؟ قال من لم يمنع الحلال شكره، ومن لم يمنع الحرام صبره.
وقال سفيان الثوري: ما عبد الله بمثل العقل، ولا يكون الرجل عاقلا حتى تكون فيه عشر خصال: يكون الكبر منه مأمونا، والخير منه مأمولا، يقتدى بمن قبله، ويكون إماما لمن بعده، وحتى يكون الذل في طاعة الله أحب إليه من العز في معصية الله، وحتى يكون الفقر في الحلال، أحب إليه من الغنى في، الحرام، وحتى يكون عيشه القوت، وحتى يستقل الكثير من عمله، ويستكثر القليل من عمل غيره، وحتى لا يتبرم بطلب الحوائج
(٢٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 244 245 246 247 248 249 250 251 252 253 254 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 124 - من كلام له عليه السلام في حث أصحابه على القتال 3
2 عود إلى أخبار صفين 9
3 125 - من كلام له عليه السلام في الخوارج لما أنكروا تحكيم الرجال، ويذم فيه أصحابه في التحكيم 103
4 126 - من كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء وتصبيره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولى السابقات والشرف 109
5 127 - من كلام له عليه السلام في الاحتجاج على الخوارج والنهى عن الفرقة 112
6 مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر 113
7 فصل في ذكر الغلاة من الشيعة والنصيرية وغيرهم 119
8 128 - من كلام له عليه السلام فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة 125
9 أخبار صاحب الزنج وفتنته وما انتحله من عقائد 126
10 فصل في ذكر جنكز خان وفتنة التتر 218
11 129 - من خطبة له في ذكر المكاييل والموازين 244
12 نبذ من أقول الصالحين والحكماء 246
13 130 - من كلام له عليه السلام لأبي ذر رحمة الله لما أخرج إلى الربذة 252
14 131 - من كلامه له عليه السلام في حال نفسه وأوصاف الإمام 263
15 132 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه 268
16 133 - من خطبة له عليه السلام في صفة القرآن وصفة النبي وأوصاف الدنيا 272
17 فصل في الجناس وذكر أنواعه 276
18 134 - ومن كلام له عليه السلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج 296
19 غزوة فلسطين وفتح بيت المقدس 298
20 135 - ومن كلام له عليه السلام وقد وقع بينه وبين عثمان مشاجرة 301
21 فصل في نسب ثقيف وطرف من أخبارهم 303