شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ٢٣٧
جنكزخان فملكها، وقتل أهلها وسبى نساءها، وأخرب القصور، وتركها كأمس الغابر.
ثم كانت لهم بعد ملك غزنة واستباحتها وقائع كثيرة مع ملوك الروم بنى قلج أرسلان، لم يوغلوا فيها في البلاد، وإنما كانوا يتطرقونها وينهبون ما تاخمهم منها، وأذعن لهم ملوك فارس، وكرمان، والتيز، ومكران بالطاعة وحملوا إليهم الإتاوة، ولم يبق في البلاد الناطقة باللسان الأعجمي بلد إلا حكم فيه سيفهم أو كتابهم، فأكثر البلاد قتلوا أهلها، وسبق السيف فيهم العذل والباقي أدى الإتاوة إليهم رغما، وأعطى الطاعة صاغرا، ورجع جنكزخان إلى ما وراء النهر وتوفى هناك.
وقام بعده ابنه قاآن مقامه، وثبت جرماغون في مكانه بآذربيجان ولم يبق لهم إلا أصبهان فإنهم نزلوا عليها مرارا في سنة سبع وعشرين وستمائة، وحاربهم أهلها، وقتل من الفريقين مقتلة عظيمة، ولم يبلغوا منها غرضا، حتى اختلف أهل أصبهان في سنه ثلاث وثلاثين وستمائة وهم طائفتان: حنفية وشافعية، وبينهم حروب متصلة وعصبية ظاهرة فخرج قوم من أصحاب الشافعي إلى من يجاورهم ويتاخمهم من ممالك التتار، فقالوا لهم: اقصدوا البلد حتى نسلمه إليكم، فنقل ذلك إلى قاآن بن جنكزخان بعد وفاة أبيه، والملك يومئذ منوط بتدبيره، فأرسل جيوشا من المدينة المستجدة التي بنوها، وسموها قرا حرم فعبرت جيحون مغربة، وانضم إليها قوم ممن أرسله جرماغون على هيئة المدد لهم فنزلوا على أصفهان في سنة ثلاث وثلاثين المذكورة، وحصروها فاختلف سيفا الشافعية والحنفية في المدينة، حتى قتل كثير منهم، وفتحت أبواب المدينة، فتحها الشافعية على عهد بينهم وبين التتار أن يقتلوا الحنفية ويعفوا عن الشافعية، فلما دخلوا البلد بدءوا بالشافعية، فقتلوهم قتلا ذريعا، ولم يقفوا مع العهد الذي عهدوه لهم، ثم قتلوا الحنفية، ثم قتلوا سائر الناس.
(٢٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 232 233 234 235 236 237 238 239 240 241 242 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 124 - من كلام له عليه السلام في حث أصحابه على القتال 3
2 عود إلى أخبار صفين 9
3 125 - من كلام له عليه السلام في الخوارج لما أنكروا تحكيم الرجال، ويذم فيه أصحابه في التحكيم 103
4 126 - من كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء وتصبيره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولى السابقات والشرف 109
5 127 - من كلام له عليه السلام في الاحتجاج على الخوارج والنهى عن الفرقة 112
6 مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر 113
7 فصل في ذكر الغلاة من الشيعة والنصيرية وغيرهم 119
8 128 - من كلام له عليه السلام فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة 125
9 أخبار صاحب الزنج وفتنته وما انتحله من عقائد 126
10 فصل في ذكر جنكز خان وفتنة التتر 218
11 129 - من خطبة له في ذكر المكاييل والموازين 244
12 نبذ من أقول الصالحين والحكماء 246
13 130 - من كلام له عليه السلام لأبي ذر رحمة الله لما أخرج إلى الربذة 252
14 131 - من كلامه له عليه السلام في حال نفسه وأوصاف الإمام 263
15 132 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه 268
16 133 - من خطبة له عليه السلام في صفة القرآن وصفة النبي وأوصاف الدنيا 272
17 فصل في الجناس وذكر أنواعه 276
18 134 - ومن كلام له عليه السلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج 296
19 غزوة فلسطين وفتح بيت المقدس 298
20 135 - ومن كلام له عليه السلام وقد وقع بينه وبين عثمان مشاجرة 301
21 فصل في نسب ثقيف وطرف من أخبارهم 303