شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٨ - الصفحة ٢٣٣
فلما فرغوا، أرادوا عبور الدربند، فلم يقدموا عليه، فأرسلوا إلى شروان شاه ملك الدربند، فطالبوه بإنفاذ رسول يسعى بينه وبينهم في الصلح، فأرسل إليهم عشرة من ثقاته فلما وصلوا إليهم جمعوهم، ثم قتلوا واحدا منهم بحضور الباقين وقالوا للتسعة: إن أنتم عرفتمونا طريقا نعبر فيه فلكم الأمان، وإلا قتلناكم كما قتلنا صاحبكم فقالوا. لهم:
لا طريق في هذا الدربند، ولكن نعرفكم موضعا هو أسهل المواضع لعبور الخيل.
وساروا بين أيديهم إليه، فعبروا الدربند، وتركوه وراء ظهورهم، وساروا في تلك البلاد، وهي مملوءة من طرائق مختلفه منهم اللان واللكر وأصناف من الترك، فنهبوها وقتلوا الكثير من ساكنيها، ورحلوا إلى اللان، وهم أمم كثيرة وقد وصلهم خبرهم، وجمعوا وحذروا، وانضاف إليهم جموع من قفجاق، فقاتلوهم فلم يظفر أحد العسكرين بالآخر، فأرسل التتار إلى قفجاق: أنتم إخواننا، وجنسنا واحد، واللان ليسوا من جنسكم لتنصروهم ولا دينهم دينكم، ونحن نعاهدكم ألا نعرض لكم، ونحمل إليكم من المال والثياب ما يستقر بيننا وبينكم، على أن تنصرفوا إلى بلادكم.
فاستقر الامر بينهم على مال وثياب حملها التتار إليهم، وفارقت قفجاق اللان، فأوقع التتار باللان، فقتلوهم ونهبوا أموالهم، وسبوا نساءهم. فلما فرغوا منهم ساروا إلى بلاد قفجاق وهم آمنون متفرقون، لما استقر بينهم وبين التتار من الصلح، فلم يشعروا بهم إلا وقد طرقوهم، ودخلوا بلادهم، فأوقعوا بهم الأول فالأول، وأخذوا منهم أضعاف ما حملوا إليهم، وسمع ما كان بعيد الدار من قفجاق بما جرى.
ففروا عن غير قتال فأبعدوا، فبعضهم بالغياض وبعضهم بالجبال، وبعضهم لحقوا ببلاد الروس. وأقام التتار في بلاد قفجاق، وهي أرض كثيرة المراعى في الشتاء، وفيها أيضا أماكن باردة في الصيف، كثيرة المراعى، وهي غياض على ساحل البحر.
* * *
(٢٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 228 229 230 231 232 233 234 235 236 237 238 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 124 - من كلام له عليه السلام في حث أصحابه على القتال 3
2 عود إلى أخبار صفين 9
3 125 - من كلام له عليه السلام في الخوارج لما أنكروا تحكيم الرجال، ويذم فيه أصحابه في التحكيم 103
4 126 - من كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء وتصبيره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولى السابقات والشرف 109
5 127 - من كلام له عليه السلام في الاحتجاج على الخوارج والنهى عن الفرقة 112
6 مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر 113
7 فصل في ذكر الغلاة من الشيعة والنصيرية وغيرهم 119
8 128 - من كلام له عليه السلام فيما يخبر به عن الملاحم بالبصرة 125
9 أخبار صاحب الزنج وفتنته وما انتحله من عقائد 126
10 فصل في ذكر جنكز خان وفتنة التتر 218
11 129 - من خطبة له في ذكر المكاييل والموازين 244
12 نبذ من أقول الصالحين والحكماء 246
13 130 - من كلام له عليه السلام لأبي ذر رحمة الله لما أخرج إلى الربذة 252
14 131 - من كلامه له عليه السلام في حال نفسه وأوصاف الإمام 263
15 132 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه 268
16 133 - من خطبة له عليه السلام في صفة القرآن وصفة النبي وأوصاف الدنيا 272
17 فصل في الجناس وذكر أنواعه 276
18 134 - ومن كلام له عليه السلام وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج 296
19 غزوة فلسطين وفتح بيت المقدس 298
20 135 - ومن كلام له عليه السلام وقد وقع بينه وبين عثمان مشاجرة 301
21 فصل في نسب ثقيف وطرف من أخبارهم 303