شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٥ - الصفحة ٩٠
بأسلحتهم، وعمدوا للصلاة، فأسرع عباد ومن معه وقضوا صلاتهم، والحرورية مبطئون، فيهم ما بين راكع وساجد وقائم في الصلاة وقاعد، حتى مال عليهم عباد ومن معه، فقتلوهم جميعا، وأتى برأس أبى بلال.
قال: ويرى الشراة أن مرداسا أبا بلال لما عقد على أصحابه، وعزم على الخروج رفع يديه، فقال: اللهم إن كان ما نحن فيه حقا فأرنا آية، فرجف البيت.
وقال آخرون: فارتفع السقف.
ويقال: إن رجلا من الخوارج ذكر ذلك لأبي العالية الرياحي، يعجبه من الآية، ويرغبه في مذهب القوم، فقال أبو العالية: كاد الخسف ينزل بهم، ثم أدركتهم نظرة من الله.
قال: فلما فرغ عباد من الجماعة أقبل بهم فصلب رؤوسهم، وفيهم داود بن شبيب، وكان ناسكا، وفيهم حبيبة البكري من عبد القيس، وكان مجتهدا، ويروى عنه أنه قال: لما عزمت على الخروج فكرت في بناتي، فقلت ذات ليلة: لأمسكن عن نفقتهن حتى أنظر، فلما كان في جوف الليل استسقت بنية لي، فقالت: يا أبت اسقني، فلم أجبها، وأعادت، فقامت أخت لها فسقتها، فعلمت أن الله عز وجل غير مضيعهن، فأتممت عزمي.
وكان في القوم كهمس، وكان من أبر الناس بأمه، فقال لها: يا أمه، لولا مكانك لخرجت، فقالت: يا بنى، وهبتك لله.
ففي مقتلهم يقول عيسى بن فاتك الخطى:
ألا في الله لا في الناس سالت * بداود وإخوته الجذوع مضوا قتلا وتمزيقا وصلبا * تحوم عليهم طير وقوع إذا ما الليل أظلم كابدوه * فيسفر عنهم وهم ركوع أطار الخوف نومهم فقاموا * وأهل الأرض في الدنيا هجوع
(٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 58 - من كلام عليه السلام لما عزم على حرب الخوارج وقيل له إن القوم قد عبروا جسر النهروان 3
2 بدء ظهور الغلاة 5
3 طرق الإخبار بالمغيبات 9
4 59 - من كلامه لما قتل الخوارج فقيل له يا أمير المؤمنين هلك القوم بأجمعهم 14
5 الكناية والرموز والتعريض وذكر مثل منها 15
6 الفرق بين الكناية والتعريض 59
7 مقتل الوليد بن طريف الخارجي ورثاء أخته له 73
8 خروج ابن عمرو الخثعمي وأمره مع محمد بن يوسف الطائي 74
9 ذكر جماعة ممن كان يرى رأي الخوارج 76
10 60 - من كلام له عليه السلام في الخوارج 78
11 عود إلى أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 80
12 مرداس بن حدير 82
13 عمران بن حطان 91
14 المستورد السعدي 97
15 حوثرة الأسدي 98
16 أبو الوازع الراسبي 102
17 عمران بن الحارث الراسبي 103
18 عبد الله بن يحيى والمختار بن عوف 106
19 خطب أبي حمزة الشاري 114
20 أخبار متفرقة عن أحوال معاوية 129
21 61 - من كلام له لما خوف الغيلة 132
22 اختلاف الناس في الآجال 133
23 62 - من كلام له في وصف الدنيا 140
24 63 - من كلام له في الحض على الزهد والاستعداد لما بعد الموت 145
25 عظة للحسن البصري 147
26 من خطب عمر بن عبد العزيز 150
27 من خطب ابن نباتة 151
28 64 من خطبة له في تنزيه الله سبحانه وتقديسه 153
29 اختلاف الأقوال في خلق العالم 157
30 65 - من كلام له كان يقوله لأصحابه في بعض أيام صفين 168
31 من أخبار يوم صفين 175