شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٥ - الصفحة ٧١
التعريض، إلا فيما اعتمد عليه، من أن من شرط الكناية أن يتجاذبها جانبا حقيقة ومجاز، وقد بينا بطلان اشتراط ذلك، فبطل ما يتفرع عليه.
وأما قول بديل بن ورقاء: (معها العوذ المطافيل) فإنه ليس بكناية عن النساء والأولاد كما زعم، بل أراد به الإبل ونتجها، فإن كتب السير كلها متفقة على أن قريشا لم يخرج معها في سنه الحديبية نساؤها وأولادها، ولم يحارب رسول الله صلى الله عليه وآله قوما أحضروا معهم نساءهم وأولادهم، إلا هوازن يوم حنين، وإذا لم يكن لهذا الوجه حقيقة ولا وجود، فقد بطل حمل اللفظ عليه.
فأما ما زرى به على الرضى رحمه الله تعالى من قوله:
* إن لم تكن نصلا فغمد نصول * وقوله: هذا مما يسبق الوهم فيه إلى ما يستقبح، واستحسانه شعر الفرزدق، وقوله: إن الرضى أخذه منه فأسا الاخذ، فالوهم الذي يسبق إلى بيت الرضى يسبق مثله إلى بيت الفرزدق، لأنه قد جعل هذه المرأة جفن السلاح، فإن كان الوهم يسبق هناك إلى قبيح فهاهنا أيضا يسبق إلى مثله.
وأما الآية التي مثل بها على التعريض، فإنه قال: إن قوله تعالى: (ما نراك إلا بشرا مثلنا) تعريض بأنهم أحق بالنبوة منه، ولم يبين ذلك، وإنما قال: فحوى الكلام أنهم قالوا له: هب أنك واحد من الملاء وموازيهم في المنزلة، فما جعلك أحق بالنبوة منهم!
ألا ترى إلى قوله: (وما نرى لكم علينا من فضل)! وهذا الكلام لا يقتضى ما ادعاه أولا من التعريض، لأنه ادعى أن قوله: (ما نراك إلا بشرا مثلنا) تعريض بأنهم أحق بالنبوة منه، وما قرره به يقتضى مساواته لهم، ولا يقتضى كونهم أحق بالنبوة منه، فبطل دعوى الأحقية، التي زعم أن التعريض إنما كان (1) بها.

(1) ا: (يكون).
(٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 58 - من كلام عليه السلام لما عزم على حرب الخوارج وقيل له إن القوم قد عبروا جسر النهروان 3
2 بدء ظهور الغلاة 5
3 طرق الإخبار بالمغيبات 9
4 59 - من كلامه لما قتل الخوارج فقيل له يا أمير المؤمنين هلك القوم بأجمعهم 14
5 الكناية والرموز والتعريض وذكر مثل منها 15
6 الفرق بين الكناية والتعريض 59
7 مقتل الوليد بن طريف الخارجي ورثاء أخته له 73
8 خروج ابن عمرو الخثعمي وأمره مع محمد بن يوسف الطائي 74
9 ذكر جماعة ممن كان يرى رأي الخوارج 76
10 60 - من كلام له عليه السلام في الخوارج 78
11 عود إلى أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 80
12 مرداس بن حدير 82
13 عمران بن حطان 91
14 المستورد السعدي 97
15 حوثرة الأسدي 98
16 أبو الوازع الراسبي 102
17 عمران بن الحارث الراسبي 103
18 عبد الله بن يحيى والمختار بن عوف 106
19 خطب أبي حمزة الشاري 114
20 أخبار متفرقة عن أحوال معاوية 129
21 61 - من كلام له لما خوف الغيلة 132
22 اختلاف الناس في الآجال 133
23 62 - من كلام له في وصف الدنيا 140
24 63 - من كلام له في الحض على الزهد والاستعداد لما بعد الموت 145
25 عظة للحسن البصري 147
26 من خطب عمر بن عبد العزيز 150
27 من خطب ابن نباتة 151
28 64 من خطبة له في تنزيه الله سبحانه وتقديسه 153
29 اختلاف الأقوال في خلق العالم 157
30 65 - من كلام له كان يقوله لأصحابه في بعض أيام صفين 168
31 من أخبار يوم صفين 175