شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٥ - الصفحة ٦٧
اللفظ الدال على المجازين، وهذا قلب للكلام الصحيح وعكس له.
وأما ثانيا فلم قلت: إنه لا يكون للفظه الدالة على المجازين شركة في الدلالة على الحقيقة التي هي أصل لهما، فأما قولك هذا يقتضى أن يكون الانسان متكلما بشئ وهو يريد شيئين غيره، وأصل الوضع أن يتكلم بشئ وهو يريد غيره، فليس معنى قولهم:
الكناية أن تتكلم بشئ وأنت تريد غيره، أنك تريد شيئا واحدا غيره، كلا ليس هذا هو المقصود، بل المقصود أن تتكلم بشئ وأنت تريد ما هو مغاير له، وإن أردت (1 شيئا واحدا 1)، أو شيئين أو ثلاثة أشياء أو ما زاد، فقد أردت ما هو مغاير له، لان كل مغاير لما دل عليه ظاهر لفظك فليس في لفظه غير ما يقتضى الوحدة والافراد.
وأما ثالثا فلم لا يجوز أن يكون للفظ الدال على المجازين شركة في الدلالة على الحقيقة أصلا، بل يدل على المجازين فقط، فأما قولك إذا خرجت الحقيقة عن أن يكون لها في ذلك شركة لم يكن الذي تكلمت به دالا على ما تكلمت به وهو محال، ومرادك بهذا الكلام المقلوب أنه إذا خرجت اللفظة عن أن يكون لها شركة في الدلالة على الحقيقة التي هي موضوعة لها في الأصل لم يكن ما تكلم به الانسان دالا على ما تكلم به، وهو حقيقة، ولا دالا أيضا على ما تكلم به وهو مجاز، لأنه إذا لم يدل على الحقيقة، وهي الأصل، لم يجز أن يدل على المجاز الذي هو الفرع، لان انتفاء الدلالة على الأصل، يوجب انتفاء الدلالة على الفرع، وهكذا يجب أن يتأول استدلاله، وإلا لم يكن له معنى محصل، لان اللفظ هو الدال على مفهوماته، وليس المفهوم دالا على اللفظ، ولا له شركة في الدلالة عليه، ولا على مفهوم آخر يعترض اللفظ بتقدير انتقال اللفظ، اللهم إلا أن يكون دلالة عقلية، وكلامنا في الألفاظ ودلالتها.

(1 - 1) ساقط من ب، وأثبته من ا، ج.
(٦٧)
مفاتيح البحث: الجواز (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 58 - من كلام عليه السلام لما عزم على حرب الخوارج وقيل له إن القوم قد عبروا جسر النهروان 3
2 بدء ظهور الغلاة 5
3 طرق الإخبار بالمغيبات 9
4 59 - من كلامه لما قتل الخوارج فقيل له يا أمير المؤمنين هلك القوم بأجمعهم 14
5 الكناية والرموز والتعريض وذكر مثل منها 15
6 الفرق بين الكناية والتعريض 59
7 مقتل الوليد بن طريف الخارجي ورثاء أخته له 73
8 خروج ابن عمرو الخثعمي وأمره مع محمد بن يوسف الطائي 74
9 ذكر جماعة ممن كان يرى رأي الخوارج 76
10 60 - من كلام له عليه السلام في الخوارج 78
11 عود إلى أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 80
12 مرداس بن حدير 82
13 عمران بن حطان 91
14 المستورد السعدي 97
15 حوثرة الأسدي 98
16 أبو الوازع الراسبي 102
17 عمران بن الحارث الراسبي 103
18 عبد الله بن يحيى والمختار بن عوف 106
19 خطب أبي حمزة الشاري 114
20 أخبار متفرقة عن أحوال معاوية 129
21 61 - من كلام له لما خوف الغيلة 132
22 اختلاف الناس في الآجال 133
23 62 - من كلام له في وصف الدنيا 140
24 63 - من كلام له في الحض على الزهد والاستعداد لما بعد الموت 145
25 عظة للحسن البصري 147
26 من خطب عمر بن عبد العزيز 150
27 من خطب ابن نباتة 151
28 64 من خطبة له في تنزيه الله سبحانه وتقديسه 153
29 اختلاف الأقوال في خلق العالم 157
30 65 - من كلام له كان يقوله لأصحابه في بعض أيام صفين 168
31 من أخبار يوم صفين 175