شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٥ - الصفحة ١٦٩
قوله: (وتجلببوا السكينة) أي اجعلوا السكينة والحلم والوقار جلبابا لكم، والجلباب:
الثوب المشتمل على البدن.
قوله: (وعضوا على النواجذ) جمع ناجذ، وهو أقصى الأضراس، وللانسان أربعة نواجذ في كل شق، والنواجذ بعد الأرحاء، ويسمى الناجذ ضرس الحلم، لأنه ينبت بعد البلوغ وكمال العقل، ويقال: إن العاض على نواجذه ينبو السيف عن هامته نبواما، وهذا مما يساعد التعليل الطبيعي عليه، وذلك أنه إذا عض على نواجذه تصلبت الأعصاب والعضلات المتصلة بدماغه، وزال عنها الاسترخاء، فكانت على مقاومة السيف أقدر، وكان تأثير السيف فيها أقل.
وقوله: (فإنه أنبى)، الضمير راجع إلى المصدر الذي دل الفعل عليه، تقديره: فإن العض أنبى، كقولهم: من فعل خيرا كان له خيرا، أي كان فعله خيرا، وأنبى (أفعل)، من نبا السيف، إذا لم يقطع.
قال الراوندي: هذا كلام ليس على حقيقته، بل هو كناية عن الامر بتسكين القلب وترك اضطرابه واستيلاء الرعدة عليه، إلى أن قال: ذلك أشد إبعادا لسيف العدو عن هامتكم.
قوله: (وأكملوا اللامة)، اللامة بالهمزة: الدرع، والهمزة ساكنة على (فعلة)، مثل النأمة للصوت، وإكمالها أن يزاد على البيضة والسواعد ونحوها. ويجوز أن يعبر باللامة عن جميع أداة الحرب، كالدرع والرمح والسيف، يريد: أكملوا السلاح الذي تحاربون العدو به.
قوله: (وقلقلوا السيوف في أغمادها قبل سلها)، يوم الحرب لئلا يدوم مكثها في الأجفان فتلحج (1) فيها، فيستصعب (2) سلها وقت الحاجة إليها.
وقوله: (والحظوا الخزر)، الخزر أن ينتظر الانسان بعينه، وكأنه ينظر بمؤخرها وهي أمارة الغضب، والذي أعرفه (الخزر) بالتحريك، قال الشاعر:

(1) لحج السيف لحجا: نشب في الغمد ولم يخرج.
(2) ج: (فيسهل).
(١٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 58 - من كلام عليه السلام لما عزم على حرب الخوارج وقيل له إن القوم قد عبروا جسر النهروان 3
2 بدء ظهور الغلاة 5
3 طرق الإخبار بالمغيبات 9
4 59 - من كلامه لما قتل الخوارج فقيل له يا أمير المؤمنين هلك القوم بأجمعهم 14
5 الكناية والرموز والتعريض وذكر مثل منها 15
6 الفرق بين الكناية والتعريض 59
7 مقتل الوليد بن طريف الخارجي ورثاء أخته له 73
8 خروج ابن عمرو الخثعمي وأمره مع محمد بن يوسف الطائي 74
9 ذكر جماعة ممن كان يرى رأي الخوارج 76
10 60 - من كلام له عليه السلام في الخوارج 78
11 عود إلى أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 80
12 مرداس بن حدير 82
13 عمران بن حطان 91
14 المستورد السعدي 97
15 حوثرة الأسدي 98
16 أبو الوازع الراسبي 102
17 عمران بن الحارث الراسبي 103
18 عبد الله بن يحيى والمختار بن عوف 106
19 خطب أبي حمزة الشاري 114
20 أخبار متفرقة عن أحوال معاوية 129
21 61 - من كلام له لما خوف الغيلة 132
22 اختلاف الناس في الآجال 133
23 62 - من كلام له في وصف الدنيا 140
24 63 - من كلام له في الحض على الزهد والاستعداد لما بعد الموت 145
25 عظة للحسن البصري 147
26 من خطب عمر بن عبد العزيز 150
27 من خطب ابن نباتة 151
28 64 من خطبة له في تنزيه الله سبحانه وتقديسه 153
29 اختلاف الأقوال في خلق العالم 157
30 65 - من كلام له كان يقوله لأصحابه في بعض أيام صفين 168
31 من أخبار يوم صفين 175