شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٥ - الصفحة ١٦٤
وعندي في هذا القول نظر، ولى في اللذة والألم رسالة مفردة وأما قوله: (لم يحلل في الأشياء، فيقال: لا هو فيها كائن ولا منها مباين)، فينبغي أن يحمل على أنه أراد أنه لم ينأ عن الأشياء نأيا مكانيا فيقال: هو بائن بالمكان، هكذا ينبغي أن يكون مراده، لأنه لا يجوز إطلاق القول بأنه ليس ببائن عن الأشياء، وكيف والمجرد بالضرورة بائن عن ذي الوضع، ولكنها بينونة بالذات لا بالجهة. والمسلمون كلهم متفقون على أنه تعالى يستحيل أن يحل في شئ إلا من اعتزى إلى الاسلام من الحلولية، كالذين قالوا بحلوله في علي وولده، وكالذين قالوا بحلوله في أشخاص يعتقدون فيها إظهاره كالحلاجية وغيرهم، والدليل على استحالة حلوله سبحانه في الأجسام، أنه لو صح أن يحل فيها لم يعقل منفردا بنفسه أبدا، كما أن السواد لا يعقل كونه غير حال في الجسم، لأنه لو يعقل غير حال في الجسم لم يكن سوادا، ولا يجوز أن يكون الله تعالى حالا أبدا، ولا أن يلاقى الجسم، إذ ذلك يستلزم قدم الأجسام، وقد ثبت أنها حادثة.
فأما قوله: (لم يؤده خلق ما ابتدأ) إلى قوله: (عما خلق) فهو حق، لأنه تعالى قادر لذاته، والقادر لذاته لا يتعب ولا يعجز، لأنه ليس بجسم، ولا قادر بقدرة يقف مقدورها عند حد وغاية، بل إنما يقدر على شئ لأنه تعالى ذات مخصوصة، يجب لها أن تقدر على الممكنات، فيكون كل ممكن داخلا تحت هذه القضية الكلية، والذات التي تكون هكذا لا تعجز، ولا تقف مقدوراتها عند حد وغاية أصلا، ويستحيل عليها التعب، لأنها ليست ذات أعضاء وأجزاء.
وأما قوله: (ولا ولجت عليه شبهة) إلى قوله: (وأمر مبرم) فحق، لأنه تعالى عالم لذاته، أي إنما علم ما علمه لا بمعنى أن يتعلق بمعلوم دون معلوم، بل إنما علم أي شئ أشرت إليه، لأنه ذات مخصوصة، ونسبة تلك الذات إلى غير ذلك الشئ المشار إليه
(١٦٤)
مفاتيح البحث: الجواز (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 58 - من كلام عليه السلام لما عزم على حرب الخوارج وقيل له إن القوم قد عبروا جسر النهروان 3
2 بدء ظهور الغلاة 5
3 طرق الإخبار بالمغيبات 9
4 59 - من كلامه لما قتل الخوارج فقيل له يا أمير المؤمنين هلك القوم بأجمعهم 14
5 الكناية والرموز والتعريض وذكر مثل منها 15
6 الفرق بين الكناية والتعريض 59
7 مقتل الوليد بن طريف الخارجي ورثاء أخته له 73
8 خروج ابن عمرو الخثعمي وأمره مع محمد بن يوسف الطائي 74
9 ذكر جماعة ممن كان يرى رأي الخوارج 76
10 60 - من كلام له عليه السلام في الخوارج 78
11 عود إلى أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 80
12 مرداس بن حدير 82
13 عمران بن حطان 91
14 المستورد السعدي 97
15 حوثرة الأسدي 98
16 أبو الوازع الراسبي 102
17 عمران بن الحارث الراسبي 103
18 عبد الله بن يحيى والمختار بن عوف 106
19 خطب أبي حمزة الشاري 114
20 أخبار متفرقة عن أحوال معاوية 129
21 61 - من كلام له لما خوف الغيلة 132
22 اختلاف الناس في الآجال 133
23 62 - من كلام له في وصف الدنيا 140
24 63 - من كلام له في الحض على الزهد والاستعداد لما بعد الموت 145
25 عظة للحسن البصري 147
26 من خطب عمر بن عبد العزيز 150
27 من خطب ابن نباتة 151
28 64 من خطبة له في تنزيه الله سبحانه وتقديسه 153
29 اختلاف الأقوال في خلق العالم 157
30 65 - من كلام له كان يقوله لأصحابه في بعض أيام صفين 168
31 من أخبار يوم صفين 175