شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٥ - الصفحة ١٦٢
مقدار ألف وأربعمائة سنة، فتحلل بتلك النار تلك الأجزاء المنعقدة من النور، الممتزجة بأجزاء الظلمة التي عجز الشمس والقمر عن استقصائها، فيرتفع إلى عالم الأنوار، ويبطل العالم حينئذ، ويعود النور كله إلى حاله الأولى قبل الامتزاج، فكذلك الظلمة.
القول الخامس: قول متكلمي الاسلام:
وهو على وجوه:
أولها: قول جمهور أصحابنا إن الله تعالى إنما خلق العالم للإحسان إليهم والانعام على الحيوان، لان خلقه حيا نعمة عليه، لان حقيقة النعمة موجودة فيه، وذلك أن النعمة هي المنفعة المفعولة للإحسان، ووجود الجسم حيا منفعة مفعولة للإحسان، أما بيان كون ذلك منفعة فلان المنفعة هي اللذة والسرور ودفع المضار المخوفة، وما أدى إلى ذلك وصححه، ألا ترى أن من أشرف على أن يهوى من جبل، فمنعه بعض الناس من ذلك، فإنه يكون منعما عليه، ومن سر غيره بأمر، وأوصل إليه لذة، يكون قد أنعم عليه، ومن دفع إلى غيره مالا يكون قد أنعم عليه، لأنه قد مكنه بدفعه إليه من الانتفاع، وصححه له، ولا ريب أن وجودنا أحياء يصحح لنا اللذات، ويمكننا منها، لأنا لو لم نكن أحياء لم يصح ذلك فينا. قالوا: وإنما قلنا إن هذه المنفعة مفعولة للإحسان، لأنها إما أن تكون مفعولة لا لغرض أو لغرض، والأول باطل، لان ما يفعل لا لغرض عبث، والبارئ سبحانه لا يصح أن تكون أفعاله عبثا، لأنه حكيم.
وأما الثاني، فإما أن يكون ذلك الغرض عائدا عليه سبحانه بنفع أو دفع ضرر، أو يعود على غيره. والأول: باطل، لأنه غنى لذاته، يستحيل عليه المنافع والمضار، ولا يجوز أن يفعله لمضرة يوصلها إلى غيره، لان القصد إلى الاضرار بالحيوان من غير استحقاق ولا منفعة يوصل إليها بالمضرة قبيح، تعالى الله عنه! فثبت أنه سبحانه إنما خلق الحيوان
(١٦٢)
مفاتيح البحث: الضرر (1)، الغنى (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 58 - من كلام عليه السلام لما عزم على حرب الخوارج وقيل له إن القوم قد عبروا جسر النهروان 3
2 بدء ظهور الغلاة 5
3 طرق الإخبار بالمغيبات 9
4 59 - من كلامه لما قتل الخوارج فقيل له يا أمير المؤمنين هلك القوم بأجمعهم 14
5 الكناية والرموز والتعريض وذكر مثل منها 15
6 الفرق بين الكناية والتعريض 59
7 مقتل الوليد بن طريف الخارجي ورثاء أخته له 73
8 خروج ابن عمرو الخثعمي وأمره مع محمد بن يوسف الطائي 74
9 ذكر جماعة ممن كان يرى رأي الخوارج 76
10 60 - من كلام له عليه السلام في الخوارج 78
11 عود إلى أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 80
12 مرداس بن حدير 82
13 عمران بن حطان 91
14 المستورد السعدي 97
15 حوثرة الأسدي 98
16 أبو الوازع الراسبي 102
17 عمران بن الحارث الراسبي 103
18 عبد الله بن يحيى والمختار بن عوف 106
19 خطب أبي حمزة الشاري 114
20 أخبار متفرقة عن أحوال معاوية 129
21 61 - من كلام له لما خوف الغيلة 132
22 اختلاف الناس في الآجال 133
23 62 - من كلام له في وصف الدنيا 140
24 63 - من كلام له في الحض على الزهد والاستعداد لما بعد الموت 145
25 عظة للحسن البصري 147
26 من خطب عمر بن عبد العزيز 150
27 من خطب ابن نباتة 151
28 64 من خطبة له في تنزيه الله سبحانه وتقديسه 153
29 اختلاف الأقوال في خلق العالم 157
30 65 - من كلام له كان يقوله لأصحابه في بعض أيام صفين 168
31 من أخبار يوم صفين 175