شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٥ - الصفحة ١٣٤
واختلف المتكلمون في الآجال، فقالت المعتزلة: ينبغي أولا أن نحقق مفهوم قولنا:
(أجل) ليكون البحث في التصديق بعد تحقق التصور، فالاجل عندنا هو الوقت الذي يعلم الله أن حياة ذلك الانسان أو الحيوان تبطل فيه، كما أن أجل الدين هو الوقت الذي يحل فيه، فإذا سألنا سائل فقال: هل للناس آجال مضروبة؟ قلنا له: ما تعنى بذلك؟
أتريد: هل يعلم الله تعالى الأوقات التي تبطل فيها حياة الناس؟ أم تريد بذلك أنه: هل يراد بطلان حياة كل حي في الوقت الذي بطلت حياته فيه؟
فإن قال: عنيت الأول، قيل له: نعم للناس آجال مضروبة بمعنى معلومة، فإن الله تعالى عالم بكل شئ.
وإن قال: عنيت الثاني، قيل: لا يجوز عندنا إطلاق القول بذلك، لأنه قد تبطل حياة نبي أو ولى بقتل ظالم، والباري تعالى لا يريد عندنا ذلك.
فإن قيل: فهل تقولون: إن كل حيوان يموت وتبطل حياته بأجله؟ قيل: نعم، لان الله قد علم الوقت الذي تبطل حياته فيه، فليس تبطل حياته إلا في ذلك الوقت، لا لان العلم ساق إلى ذلك، بل إنما تبطل حياته بالامر الذي اقتضى بطلانه، والباري تعالى يعلم الأشياء على ما هي عليه، فإن بطلت حياته بقتل ظالم فذلك ظلم وجور، وإن بطلت حياته من قبل الله تعالى فذلك حكمة وصواب. وقد يكون ذلك لطفا لبعض المكلفين.
واختلف الناس: لو لم يقتل القاتل المقتول، هل كان يجوز أن يبقيه الله تعالى؟ فقطع الشيخ أبو الهذيل على موته لو لم يقتله القاتل، وإليه ذهب الكرامية، قال محمد بن الهيصم: مذهبنا أن الله تعالى قد أجل لكل نفس أجلا لن ينقضي عمره دون بلوغه، ولا يتأخر عنه، ومعنى الاجل هو الوقت الذي علم الله أن الانسان يموت فيه، وكتب ذلك في اللوح المحفوظ، وليس يجوز أن يكون الله تعالى قد أجل له أجلا، ثم يقتل قبل بلوغه أو يخترم دونه، ولا أن
(١٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 58 - من كلام عليه السلام لما عزم على حرب الخوارج وقيل له إن القوم قد عبروا جسر النهروان 3
2 بدء ظهور الغلاة 5
3 طرق الإخبار بالمغيبات 9
4 59 - من كلامه لما قتل الخوارج فقيل له يا أمير المؤمنين هلك القوم بأجمعهم 14
5 الكناية والرموز والتعريض وذكر مثل منها 15
6 الفرق بين الكناية والتعريض 59
7 مقتل الوليد بن طريف الخارجي ورثاء أخته له 73
8 خروج ابن عمرو الخثعمي وأمره مع محمد بن يوسف الطائي 74
9 ذكر جماعة ممن كان يرى رأي الخوارج 76
10 60 - من كلام له عليه السلام في الخوارج 78
11 عود إلى أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 80
12 مرداس بن حدير 82
13 عمران بن حطان 91
14 المستورد السعدي 97
15 حوثرة الأسدي 98
16 أبو الوازع الراسبي 102
17 عمران بن الحارث الراسبي 103
18 عبد الله بن يحيى والمختار بن عوف 106
19 خطب أبي حمزة الشاري 114
20 أخبار متفرقة عن أحوال معاوية 129
21 61 - من كلام له لما خوف الغيلة 132
22 اختلاف الناس في الآجال 133
23 62 - من كلام له في وصف الدنيا 140
24 63 - من كلام له في الحض على الزهد والاستعداد لما بعد الموت 145
25 عظة للحسن البصري 147
26 من خطب عمر بن عبد العزيز 150
27 من خطب ابن نباتة 151
28 64 من خطبة له في تنزيه الله سبحانه وتقديسه 153
29 اختلاف الأقوال في خلق العالم 157
30 65 - من كلام له كان يقوله لأصحابه في بعض أيام صفين 168
31 من أخبار يوم صفين 175