جزء أحاديث الشعر - عبد الغني المقدسي - الصفحة ٩
والكذب وقذف المحصنات، وهجاء الأبرياء، والمغالاة في الذم والمدح بما ليس موجودا في الممدوح أو المذموم، ومخالفة القصد، والظلم والجور، وأيقاظ النعرات وتفريق الجماعات وإذكاء روح العداوة، إلى غير ذلك من مفاسد جمعها البيان الإلهي في الآية السابقة أدركنا سبب هذه المبالغة في ذم الشعر.
وهي مبالغة لم تقع على الشعر لذاته وإنما وقعت عليه لنتائجه، فالشعر في الاسلام ليس يكره لذاته وإنما يكره لمتضمناته، وقد كان عند العرب عظيم الموقع حتى قال قائلهم: (وجرح اللسان كجرح اليد)، والشعر كما جاء في النصوص الصحيحة كلام حسنه حسن وقبيحه قبيح مع تميزه عن الكلام العادي بسيرورته وبقائه، لذلك جرت علي الشعر عند خروجه على القصد أحكام فقهية أشار إليها الامام الشافعي وابن قدامة وغيرهما من الفقهاء فردت شهادة الشاعر الذي يهجو المسلمين فيؤذيهم، ويكثر من إيذائهم، والذي يمدح فيكثر الكذب المحض في مدحه، ومن يمشي بالوقيعة والنميمة بين المسلمين ويستعلن بذلك، ومن يفسق ويفجر بالتسبيب بامرأة معينة لا تحل له، ويكثر ذلك ويشهره.
- والقسم الثاني من الشعر هو ما يمكن أن نسميه شعرا رحمانيا، وشعراؤه ملتزمون، وهو الواقع تحت قوله تعالى: * (ألا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد ما ظلموا) *، فهو المستثنى من القسم الأول، وينضوي تحته أكثر نصوص هذا الكتاب، وفيه حض من الله تعالى للشعراء المؤمنين على قول
(٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 3 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 ... » »»
الفهرست