نزهة الناظر وتنبيه الخاطر - الحلواني - الصفحة ١١٤
52 - أنفذ أبو عبد الله كاتب المهدى رسولا إلى الصادق بكتاب منه يقول فيه:
وحاجتي إلى أن تهدى إلى من تبصيرك على مداراة هذا السلطان، وتدبير أمرى كحاجتي إلى دعائك لي.
فقال عليه السلام لرسوله: قل له، احذر أن يعرفك السلطان بالطعن عليه في اختيار الكفاة، وإن أخطأ في اختيار هم، أو مصافاة من يباعد منهم وإن قربت ألا واصر بينك وبينه، فان الأولى تغريه بك، والأخرى توحشه منك، ولكن تتوسط (في) (1) الحالين.
واكتف بعيب من اصطفوا له، والامساك عن تقريظهم عنده، ومخالفة من أقصوا بالتنائي عن تقريبهم، وإذا كدت فتأن في مكايدتك.
واعلم أن من عنف بخيله (2) كدحت فيه بأكثر من كدحها في عدوه، ومن صحب خيله (3) بالصبر والرفق كان قمنا (4) أن يبلغ بها إرادته، وتنفذ (5) فيها مكائده.
واعلم أن لكل شئ حدا، فان جاوزه كان سرفا وإن قصر عنه كان عجزا، فلا تبلغ بك نصيحة السلطان إلى أن تعادى له حاشيته وخاصته، فان ذلك ليس من حقه عليك، ولكن الأقصى لحقه، والأدعى إليك للسلامة أن تستصلحهم (6) جهدك، فإنك إذا فعلت ذلك شكرت نعمته، وأمنت حجته، وطلب عدوه عندك (7).
واعلم أن عدو سلطانك عليك أعظم مؤنة منه عليه، وذلك أنه تكيده في الأخص من كفاية (8) وأعوانه فيحصى مثالهم، ويبلغ آثارهم، فان نكأه فيك (9) وسمك بعار الخيانة والغدر، وإن نكأ نكاه (10) بغيرك ألزمك مؤنة الوفاء والصبر (والعنى) (11) و (12)

١) ليس في (ب) ٢) (ب) عيف بحيلة.
٣) (ب) جيلته.
٤) أي خليقا وجديرا.
٥) (ب) نفد.
٦) أضاف في (ب) له.
٧) (ب) عدوك عنده.
٨) (أ، ط) كفايتة. والكفاة: الخدم الذين يقومون بالخدمة.
٩) (أ، ط) تكافأك.
١٠) (أ، ط) نكأ.
١١) من (أ)، وغير واضحة في (ب) ١٢) عنه مستدرك الوسائل: ٢ / 360 ح 7.
(١١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 ... » »»