التمهيد - ابن عبد البر - ج ٨ - الصفحة ٦٩
إلا وقد فاته شيء من السنن المروية من طريق الآحاد وحسبك بعمر بن الخطاب فقد (1) فاته من هذا الضرب أحاديث فيها سنن ذوات عدد من رواية مالك في الموطأ ومن رواية غيره أيضا وليس ذلك بضار له ولا ناقص من منزلته (2) وكذلك سائر الأئمة لا يقدح في أمانتهم ما فاتهم من إحصاء السنن إذ ذاك يسير في جنب كثير (3) ولو لم يجز للعالم أن يفتي ولا أن يتكلم في العلم حتى يحيط بجميع السنن ما جاز ذلك لأحد أبدا وإذا علم العالم أعظم السنن وكان ذا فهم ومعرفة بالقرآن واختلاف من قبله من العلماء جاز له القول بالفتوى وبالله التوفيق فإن قال قائل إن جهل مواقيت الصلاة لا يسع أحدا فكيف جاز على عمر قيل له ليس في جهله بالسبب الموجب لعلم المواقيت ما يدل على جهله بالمواقيت وقد يكون ذلك عنده عملا واتفاقا (4) وأخذا عن (5) علماء عصره ولا يعرف أصل ذلك كيف كان النزول (6) من جبريل بها على النبي صلى الله عليه وسلم أم (7) بما سنه النبي صلى الله عليه وسلم كما سن غير ما شيء وفرضه في الصلاة والزكاة والحج مما لا يمكن أن يقول كل ذي علم أن جبريل نزل بذلك كله والأمر في هذا واضح يغني عن الإكثار وفي هذا الحديث دليل على أن وقت الصلاة من فرائضها وأنها لا
(٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 ... » »»