التمهيد - ابن عبد البر - ج ٨ - الصفحة ٣٩٠
رسول الله إنهم يزعمون أنه من لم يهاجر هلك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا فديك أقم الصلاة وآت الزكاة واهجر السوء واسكن من أرض قومك حيث شئت تكن مهاجرا وقال الحكم بن عتيبة أفضل الجهاد والهجرة كلمة عدل عند إمام جائر وقد قيل أنه لم تكن هجرة مفترضة بالجملة على أحد إلا على أهل مكة فإن الله عز وجل افترض عليهم الهجرة إلى نبيهم حتى فتح عليه مكة فقال حينئذ لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية فمضت الهجرة على أهل مكة من كان مهاجرا لم يجز له الرجوع إلى مكة واستيطانها وترك رسول الله صلى الله عليه وسلم بل افترض عليهم المقام معه فلما مات صلى الله عليه وسلم افترقوا في البلدان وقد كانوا يعدون من الكبائر أن يرجع أعرابيا بعد هجرته وهذا الحديث يدل على قوله لا هجرة بعد الفتح أي لا هجرة مبتداة يهجر بها المرء وطنه هجرانا لا ينصرف إليه من أهل مكة قريش خاصة بعد الفتح وأما من كان مهاجرا منهم فلا يجوز له الرجوع إليها على حال من الأحوال ويدع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا بين مما ذكرنا إن شاء الله وقد بقي من الهجرة باب باق إلى يوم القيامة وهو المسلم في دار الحرب إذا أطاقت أسرته أو كان كافرا فأسلم لم يحل له المقام في دار الحرب وكان عليه الخروج عنها فرضا واجبا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا برئ من كل مسلم مع مشرك (1) وكيف يجوز لمسلم
(٣٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 385 386 387 388 389 390 391 392 393 394 395 ... » »»