الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٢ - الصفحة ٤٣٤
وقد روى حديث أنس هذا عنه ثابت البناني وحميد الطويل وإسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ليس في حديث واحد شيء من الشعر وإنما هي على نحو حديث مالك وروى الليث بن سعد هذا الحديث عن سعيد المقبري عن شريك بن أبي نمر عن أنس قال بينا نحن في المسجد يوم الجمعة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب قام رجل فقال يا رسول الله تقطعت السبل وهلكت الأموال وأجدبت البلاد فادع الله أن يسقينا فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه حذاء وجهه وقال اللهم اسقنا وذكر نحو حديث مالك إلا أنه قال حوالينا ولا علينا ولكن الجبال ومنابت الشجر فتفرق السحاب فما نرى منه شيئا (1) وأما قوله في حديث مالك والآكام فهي الكدى والجبال من التراب وهي جمع أكمه مثل رقبة ورقاب وعتبة وعتاب وقد تجمع على آكام مثل آجام ومنابت الشجر مواضع المرعى حيث ترعى البهائم وانجياب الثوب انقطاع الثوب يعني الخلق يقول صارت السحابة قطعا وانكشفت عن المدينة كما ينكشف الثوب عن الشيء يكون عليه وفي الحديث أيضا ما يدل على الدعاء في الاستصحاء عند نوال الغيث كما يستسقى عند احتباسه وينبغي لمن استصحا أن لا يدعو في رفع الغيث جملة [ولكن] اقتداء بالنبي عليه السلام وما أدب به أمته في ذلك بقوله اللهم حوالينا ولا علينا ثم بين ذلك بقوله منابت الشجر وبطون الأودية يعني حيث لا يخشى هدم بيت ولا هلاك حيوان ولا نبات وروينا من وجوه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه خرج يستسقي فخرج معه العباس فقال اللهم إنا نتقرب إليك بعم نبيك ونستشفع به فاحفظ فينا نبيك كما حفظت الغلامين لصلاح أبيهما وأتيناك مستغفرين مستشفعين ثم أقبل على الناس فقال * (استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا) * إلى قوله " أنهرا " [نوح 10 21] ثم قام العباس وعيناه تنضحان فطال عمر (2) ثم قال اللهم أنت
(٤٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 429 430 431 432 433 434 435 436 437 438 439 ... » »»