الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٢ - الصفحة ٤٣٨
احتاطوا فمنعوا الناس من الكلام بما فيه أدنى متعلق من أمر الجاهلية بقولهم مطرنا بنوء كذا وكذا على ما فسرناه والله أعلم وقال الشافعي في كتابه المبسوط في حديث النبي صلى الله عليه وسلم حاكيا عن الله عز وجل أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر الحديث قال هذا كلام عربي محتمل المعاني وكان صلى الله عليه وسلم قد أوتي جوامع الكلم وإنما تكلم بهذا الكلام زمن الحديبية بين ظهراني قوم مؤمنين ومشركين فالمؤمن يقول مطرنا بفضل الله ورحمته وذلك إيمان بالله لأنه لا يمطر ولا يعطي ولا يمنع إلا الله وحده لا النوء لأن النوء مخلوق لا يملك لنفسه شيئا ولا لغيره وإنما هو وقت ومن قال مطرنا بنوء كذا يريد في وقت كذا فهو كقوله مطرنا في شهر كذا وهذا لا يكون كفرا ومن قال بقول أهل الشرك من الجاهلية الذين كانوا يضيفون المطر إلى النوء أنه أمطره فهذا كفر يخرج من ملة الإسلام والذي أحب أن يقول الإنسان مطرنا في وقت كذا ولا يقول بنوء كذا وإن كان النوء هو الوقت قال أبو عمر النوء في كلام العرب واحد أنواء النجوم وبعضهم يجعله الطالع وأكثرهم يجعله الساقط وقد سمى منازل القمر كلها أنواء وهي ثمان وعشرون منزلة قد أفردت لذكرها جزءا وقد ذكروا الناس كثيرا وقد أوضحنا القول في الأنواء في التمهيد وأما قوله صلى الله عليه وسلم في حديث بن عيينة عن عمرو بن دينار عن عتاب بن حنين عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لو أمسك الله القطر على عباده خمس سنين ثم أرسله لأصبحت طائفة من الناس به كافرين يقول مطرنا بنوء المجدح (1) فمعناه كمعنى حديث مالك هذا وأما المجدح فإن الخليل زعم أنه نجم كانت العرب تزعم أنها تمطر فيقال أرسلت السماء بمجادح الغيث
(٤٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 433 434 435 436 437 438 439 440 441 442 443 ... » »»