الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٢ - الصفحة ٤٣١
الألفاظ متفق المعاني في الرغبة والضراعة إلى الله عز وجل في فضله وغوث عباده برحمته وإنما ذكر مالك هذا الباب بعد الذي قبله لأنه أفرد الأول بسنة الاستسقاء من الصلاة وغيرها على حسب ما أوردنا فيه وأفرد هذا بمعنى الدعاء لأن الاستسقاء هو طلب الماء من الله تعالى والدعاء إليه فيه ومن أحسن ما روي في ذلك حديث جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه دعا في الاستسقاء فقال اللهم اسقينا غيثا مغيثا مريئا مريعا نافعا غير ضار عاجلا غير آجل قال فأطبقت عليهم السماء (1) وحديث بن عباس قال جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله لقد جئتك من عند قوم ما يتزود لهم راع ولا يخطر لهم فحل فصعد المنبر فحمد الله ثم قال اللهم اسقنا غيثا مغيثا مريعا مريئا طبقا غدقا عاجلا غير رائت ثم نزل فما يأتيه أحد من وجه من الوجوه إلا قال قد أحييتنا وقد ذكرنا أسانيد هذين الحديثين في التمهيد وروى بن لهيعة عن عقيل عن بن شهاب عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قضى صلاته في الاستسقاء استقبل القوم بوجهه وقلب رداءه ثم جثى على ركبتيه ورفع يديه وكبر تكبيرة قبل أن يستسقي ثم قال اللهم اسقنا وأغثنا الله اسقنا غيثا مغيثا رحبا ربيعا وجدا طبقا غدقا مغدقا مريعا عاما هنيئا مريئا مربعا وابلا شاملا مسبلا نجلا دائما دررا نافعا غير ضار عاجلا غير رائث تحيي به البلاد وتغيث به العباد وتجعله بلاغا للحاضر منا والباد اللهم أنزل علينا في أرضنا زينتها وسكنها وأنزل علينا من السماء ماء طهورا تحيي به بلدا ميتا وأناسي كثيرا وروى سفيان بن عيينة عن عمر بن سعيد أخي سفيان بن منصور بن المعتمر عن سالم بن أبي الجعد قال قام رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إنك دعوت على مضر بالسنة فما يغط لهم بعير فقال صلى الله عليه وسلم اللهم اسقنا غيثا مغيثا هنيئا مريعا طيعا مجللا عاجلا غير رائت نافعا غير ضار فما مضى ذلك اليوم حتى مطروا فما مضت السابعة حتى أعطنوا في العشب
(٤٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 426 427 428 429 430 431 432 433 434 435 436 ... » »»