الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٢ - الصفحة ١٨٢
278 والثاني حديثه عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها أخبرته أنها لم تر رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي صلاة الليل قاعدا قط حتى أسن (1) فكان يقرأ قاعدا حتى إذا أراد أن يركع قام فقرأ نحوا من ثلاثين أو أربعين آية ثم ركع والمعنى في هذا الحديث نحو المعنى في الذي قبله إلا أن في هذا رد قول من قال لا يكون المصلي في بعض صلاته قاعدا وفي بعضها قائما والذي عليه جمهور العلماء فيمن افتتح صلاة النافلة قاعدا أنه لا بأس أن يقوم فيها ويقرأ بما أحب على ما في الحديث وما كان مثله واختلفوا فيمن افتتحها قائما ثم قعد فقال مالك والثوري وأبو حنيفة والشافعي ويجوز أن يقعد فيها كما يجوز له أن يفتتحها قاعدا وقال الحسن بن حي وأبو يوسف ومحمد يصلي قائما ولا يجلس إلا من ضرورة لأنه افتتحها قائما وقال بن جريج قلت لعطاء افتتحت الصلاة قائما فركعت ركعة وسجدت ثم قمت أفأجلس إن شئت بغير ركوع ولا سجود قال لا وهذا يدل من قول عطاء أنه من صلى ركعة بسجدتيها قائما كان له أن يقعد في الثانية ما لم يقف فيها فإن قام فيها لم يجلس كما قال أبو يوسف فأما المريض فقال أبو القاسم في المريض يصلي مضطجعا أو قاعدا ثم يخفف عنه المرض ويجد القوة أنه يقوم فيما بقي من صلاته ويبني على ما مضى منها وهو قول الشافعي وزفر والطبري وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد فيمن صلى مضطجعا ركعة ثم إنه يستقبل الصلاة من أولها ولو كان قاعدا يركع ويسجد
(١٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 ... » »»