الاستذكار - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ٩٠
فأما داود ومن نفى القياس فإنهم احتجوا في سقوط الترتيب بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى ركعتي الفجر يومئذ وهو ذاكر للصبح قالوا فقد صلى صلاة سنة وهو ذاكر فيها لصلاة فريضة فلم تفسد عليه فأحرى ألا تفسد عليه صلاة فريضة إذا ذكر فيها أخرى قبلها وهذا عندي احتجاج فاسد غير لازم من وجوه منها أن لا ترتيب بين السنن والفرائض ومنها أنه لم يذكر في ركعتي الفجر صلاة قبلها وإنما كان ذاكرا فيها صلاة بعدها وهذا لا خفاء فيه لمن أنصف نفسه ولا معنى لقول النبي - عليه السلام - ((فليصلها إذا ذكرها فإن الله تعالى يقول * (وأقم الصلاة لذكري) * عند من لا يرى الترتيب إلا إيجاب الصلاة على كل من نام عنها أو تركها أو نسيها إذا ذكرها وأنه لازم لكل من ذكر صلاة لم يصلها أن يصليها إذا ذكرها وأن النائم عنها والناس لها إذا ذكرها في حكم من ذكرها في وقتها وليس في ذلك عندهم إيجاب ترتيب وقد أجمع علماء المسلمين أن من ذكر صلوات كثيرة كصلاة شهر أو أكثر أو ما زاد على صلاة يوم وليلة لم يلزمه ترتيب ذلك مع صلاة وقته فكذلك القليل من الصلوات في القياس والنظر وبالله التوفيق وسيأتي من هذا المعنى زيادة مسائل عن العلماء يزيد الناظر فيها بيانا وعلما عند ذكر حديث مالك إن شاء الله وأما معنى قوله تعالى * (وأقم الصلاة لذكري) * فإن أكثر أهل العلم قالوا معناه أن يصلي الصلاة إذا ذكرها هذا قول إبراهيم والشعبي وأبي العالية وجماعة من العلماء بتأويل القرآن وقد قرئت (للذكرى) على هذا المعنى وكان بن شهاب يقرؤها كذلك وقال مجاهد * (وأقم الصلاة لذكري) * أن يذكر فيها قال فإذا صلى عبد ذكر ربه 24 - مالك عن زيد بن أسلم أنه قال عرس رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة بطريق مكة ووكل بلالا أن يوقظهم للصلاة فرقد بلال ورقدوا حتى استيقظوا وقد
(٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 ... » »»