الاستذكار - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ٩٤
وفي قوله عليه السلام ((جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا)) ما يبيح الصلاة في المقبرة والمزبلة والحمام وقارعة الطريق وبطون الأودية إذا سلم كل ذلك من النجاسة لأن قوله ذلك ناسخ لكل ما خالفه ولا يجوز أن ينسخ بغيره لأن ذلك من فضائله عليه السلام وفضائله لا يجوز عليها النسخ لأنها لم تزل تترى به حتى مات ولم يبتز شيئا منها بل كان يزادا فيها ألا ترى أنه كان عبدا غير نبي ثم نبأه الله ثم أرسله فصار رسولا نبيا ثم غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ووعده أن يبعثه المقام المحمود الذي يبين به فضله عن سائر الأنبياء قبله وفي كل ما قلنا من ذلك جاءت الآثار عنه عليه السلام قال ((كنت عبدا قبل أن أكون نبيا وكنت نبيا قبل أن أكون رسولا)) ومما يوضح ما قلنا أنه صلى الله عليه وسلم قد أخبر الله عنه في أول أمره أنه قال * (وما أدري ما يفعل بي ولا بكم) * [الأحقاف 9] وقال ((لا يقل أحدكم إني خير من يونس بن متى)) (1) وقال له رجل ما خير البرية فقال ((ذلك إبراهيم)) (2) ثم شك في نفسه وفي موسى - عليه السلام - فلم يدر من تنشق الأرض عنه قبل
(٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 ... » »»