الاستذكار - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ٨٨
قال بن وهب سئل مالك هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نام عن صلاة الصبح حتى طلعت الشمس ركع ركعتي الفجر قال ما علمت قال أبو عمر ليس في شيء من رواية مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ركع ركعتي الفجر في ذلك وإنما صار في ذلك إلى ما روى وعلى مذهبه في ذلك جمهور أصحابه إلا أشهب وعلي بن زياد فإنهما قالا يركع ركعتي الفجر قبل أن يصلي الصبح قالا قد بلغنا ذلك عن النبي - عليه السلام - أنه صلاهما يومئذ وقال أبو حنيفة والشافعي وأصحابهما والثوري والحسن بن صالح يركع ركعتي الفجر إن شاء ولا ينبغي له أن يدعهما وإليه ذهب أحمد وإسحاق وأبو ثور وداود لما روي في ذلك من حديث عمران بن حصين وغيره وقد ذكرنا ذلك في باب مرسل زيد بن أسلم من التمهيد وقد كان يجب على أصل مالك أن يركعهما قبل أن يصلي الصبح لأن قوله من أتى مسجدا قد صلي فيه لا بأس أن يتطوع قبل المكتوبة إذا كان في سعة من الوقت ومعلوم أن من انتبه بعد طلوع الشمس لا يخاف من فوت الوقت أكثر مما هو فيه وكذلك قال أبو حنيفة والشافعي وداود يتطوع إذا كان في الوقت سعة وقال الثوري أبدأ بالمكتوبة ثم تطوع بما شئت وهو قول الحسن بن حي وقال الليث بن سعد كل واجب من صلاة فريضة أو صلاة نذر أو صيام - يبدأ به قبل النفل رواه بن وهب عنه وقد روى عنه بن وهب خلاف ذلك قال بن وهب سمعت الليث يقول في الذي يدرك الإمام في قيام رمضان ولم يصل العشاء أنه يصلي معهم بصلاتهم فإذا فرغ صلى العشاء قال وإن علم أنهم في القيام قبل أن يدخل في المسجد فوجد مكانا طاهرا فليصل العشاء ثم يدخل معهم في القيام وأما قوله في الحديث ((من نسي الصلاة فليصلها إذا ذكرها فإن الله يقول * (وأقم الصلاة لذكري) * فقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ((من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها)) من وجوه قد ذكرناها في التمهيد وفي بعضها ((فذلك وقتها)) واحتج القائلون بأن من ذكر صلاة وهو في صلاة فسدت عليه صلاته التي هو فيها حتى يصلي التي ذكر قبلها من أصحابنا وغيرهم - بقوله هذا ((فليصلها إذا ذكرها)) قالوا فهو مأمور بإقام الصلاة المذكورة في حين الذكر فصار ذلك وقتا لها
(٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 ... » »»