الاستذكار - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ٣٥٦
وكذلك رواية بن جريج عن بن شهاب في هذا الحديث قال فيه ((ولم يغسله)) كما قال مالك ورواه عبد الرزاق عن بن عيينة وبن جريج كذلك أيضا وذكره بن أبي شيبة عن بن عيينة عن الزهري بإسناده قال فيه ((فدعا بماء فرشه ولم يزد)) وقال فيه معمر ((فنضحه ولم يزد)) وهذان الحديثان معناهما واحد وهو صب الماء على البول لأن قوله في حديث هشام ((فأتبعه إياه)) وقوله في حديث بن شهاب ((فنضحه)) سواء والنضح في هذا الموضع صب الماء وهو معروف في اللسان العربي بدليل قوله عليه السلام ((إني لأعرف قرية ينضح البحر بناحيتها - أو قال بحائطها أو سورها - لو جاءهم رسولي ما رموه بسهم ولا حجر)) وفي حديث آخر ((إني لأعلم أرضا يقال لها عمان ينضح بناحيتها البحر بها حي من المغرب لو أتاهم رسولي ما رموه بسهم ولا حجر)) (1) وقد يكون النضح أيضا في اللسان العربي الرش هذا وذاك معروفان في اللسان ففي هذين الحديثين ما يدل على صب الماء على بول الصبي من غير عرك ولا فرك وقد يسمى الصب غسلا بدليل قول العرب غسلتني السماء وقد أمر - عليه السلام - بصب الذنوب من الماء على بول الأعرابي (2) فدل على أن كل ما يزيل النجاسة ويذهبها - فقد طهر موضعها بعرك وبغير عرك لأن الماء إذا غلب على النجاسة ولم يظهر منها فيه شيء وغمرها طهرها وكان الحكم له لا لها وقد مضى هذا المعنى محررا فبما تقدم من كتابنا هذا والحمد لله وقد أجمع المسلمون على أن بول كل صبي يأكل الطعام ولا يرضع نجس كبول أبيه واختلفوا في بول الصبي والصبية إذا كانا يرضعان لا يأكلان الطعام فقال مالك وأبو حنيفة وأصحابهما بول الصبي والصبية كبول الرجل مرضعين كانا أو غير مرضعين
(٣٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 351 352 353 354 355 356 357 358 359 360 361 ... » »»