الاستذكار - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ٢٧٥
فإنه وإن لم يكن مسندا في ظاهرة - فإنه يدخل في المسند بالمعنى والنظر لأنه محال أن ترى عائشة نفسها حجة على غيرها من الصحابة في حين تنازعهم واختلافهم في هذه المسألة النازلة بينهم ومحال أن يسلم أبو موسى لعائشة قولها من رأيها في مسألة قد خالفها فيها من الصحابة غيرها برأيه لأن كل واحد منهم ليس بحجة على صاحبة عند التنازع في الرأي فلم يبق إلا أن تسليم أبي موسى لها كان لعلمه أن ما احتجت به كان عن رسول الله ومع ما ذكرنا من هذا الاستدلال فقد روي حديثها هذا عنها مسندا عن النبي عليه السلام فمن ذلك ما رواه أبو قرة موسى بن طارق عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب عن أبي موسى عن عائشة عن النبي - عليه السلام - قال ((إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل)) وروى علي بن زيد عن بن المسيب قال نازع أبو موسى ناسا من الأنصار فقالوا الماء من الماء قال سعيد فانطلقت أنا وأبو موسى حتى دخلنا على عائشة فقال لها أبو موسى الذي تنازعوا فيه فقالت عائشة عندي الشفاء من ذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((إذا جلس بين الشعب الأربع وألصق الختان بالختان فقد وجب الغسل)) (1) وروى حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن عبد الله بن رباح عن عبد العزيز بن النعمان عن عائشة قالت ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا التقى الختانان اغتسل)) وروى القاسم بن محمد وعطاء بن أبي رباح وأم كلثوم بنت أبي بكر كلهم عن عائشة قالت ((كنت أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم نفعله فنغتسل)) وقد ذكرنا أسانيد [هذه الأحاديث] عن عائشة كلها في التمهيد وهي مرفوعة مسندة فدل على صحة التأويل المذكور وبالله التوفيق وروى مثل ذلك جماعة من الصحابة أيضا فمن ذلك حديث شعبة وسعيد وأبان وهمام وحماد بن سلمة وهشام وكلهم عن قتادة عن الحسن عن رافع
(٢٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 ... » »»