الاستذكار - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ١٩٢
وروى عن النبي - عليه السلام - أنه قال ((أنا فرطكم على الحوض)) (1) جماعة منهم بن مسعود وجابر بن سمرة والصنابح بن الأعسر الأحمسي وجندب وسهل بن سعد وأما قوله ((فليذادن)) فمعناه فليبعدن وليطردن وقال زهير (ومن لا يذد عن حوضه بسلاحه * يهدم ومن لا يظلم الناس يظلم (2)) وقال الراجز (يا أخوي نهنها وذودا * إني أرى حوضكما مورودا) وأما رواية يحيى ((فلا يذادن)) على النهي فقيل إنه قد تابعه على ذلك بن نافع ومطرف وقد خرج بعض شيوخنا معنى حسنا لرواية يحيى ومن تابعه أن يكون على النهي أي لا يفعل أحد فعلا يطرد به عن حوضي لكن قوله ((أناديهم ألا هلم)) خبر لا يجوز عليه النسخ ولا بد أن يكون والله أعلم ومما يشبه رواية يحيى ويشهد له حديث سهل بن سعد عن النبي - عليه السلام - قال ((أنا فرطكم أعلى الحوض من ورد شرب ومن شرب لم يظمأ أبدا فلا يردن علي أقوام أعرفهم ويعرفوني ثم يحال بيني وبينهم)) (3) وهذا في معنى رواية يحيى وقد ذكرنا إسناد هذا الحديث في التمهيد وأما قوله ((فإنهم يأتون يوم القيامة غرا محجلين من الوضوء)) ففيه دليل على أن الأمم أتباع الأنبياء لا يتوضؤون مثل وضوئنا على الوجه واليدين والرجلين لأن الغرة في الوجه والتحجيل في اليدين والرجلين هذا ما لا مدفع فيه على هذا الحديث إلا أن يتأول متأول أن وضوء سائر الأمم
(١٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 ... » »»