الاستذكار - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ١٨٩
ومن حديث أبي عبد الرحمن الجهني قال ((بينا نحن عند - رسول الله - عليه السلام - إذا طلع راكبان فلما رآهما قال كنديان مذحجيان حتى أتياه فإذا رجلان من مذحج فدنا أحدهما إليه ليبايعه فلما أخذ بيده قال يا رسول الله أرأيت من رآك فصدقك وآمن بك واتبعك ماذا له قال طوبى له فمسح على يده وانصرف ثم قام الآخر حتى أخذ بيده ليبايعه فقال يا رسول الله أرأيت من آمن بك وصدقك واتبعك ولم يرك قال طوبى له طوبى له ثم مسح على يده وانصرف)) ومن حديث طلحة بن عبيد الله قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أشرفنا على حرة وأقم وتدلينا منها فإذا قبور بمحنية فقلنا يا رسول الله هذه قبور إخواننا فقال هذه قبور أصحابنا ثم مشينا حتى أتينا قبور الشهداء فقال رسول الله هذه قبور إخواننا وقد ذكرنا أسانيد هذه الأحاديث كلها وغيرها في معناها في كتاب التمهيد وهي أحاديث كلها حسان ورواتها معروفون وليست على عمومها كما أن قوله عليه السلام ((خير الناس قرني)) (1) ليس على العموم فهذه أحرى ألا تكون على العموم وبالله التوفيق وقد قال - عليه السلام - في قبور الشهداء ((قبور إخواننا)) ومعلوم أن الشهداء معه وهو شهيد عليهم لا يقاس بهم من سواهم إلا أن هذه الأحاديث وما كان مثلها نحو قوله عليه السلام ((أمتي كالمطر لا يدرى أوله خير أم آخره)) (2) وقوله - عليه السلام - ((خير الناس من طال عمره وحسن عمله)) وقوله - عليه السلام - ((ليس أحد عند الله أفضل من مؤمن يعمر في الإسلام للتهليل والتسبيح والتكبير)) يعارضها قوله - عليه السلام - ((خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم
(١٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 ... » »»