الاستذكار - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ١٤٧
لو قدم ذكر الرجلين وأخر المسح لما فهم المراد من تقديم المسح فأدخل المسح بين الغسلين ليعلم أنه قدم على الرجلين ليثبت ترتيب الرأس قبل الرجلين ولولا ذلك لقال فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وأرجلكم إلى الكعبين وامسحوا برؤوسكم ولما احتاج أن يأتي بلفظ ملتبس محتاج إلى التأويل لولا فائدة الترتيب في ذلك ألا ترى أن تقديم الرأس ليس من جعل الرجلين ممسوحتين فالفائدة وجوب الترتيب ولهذا وردت الآية بدخول المسح بين الغسلين والله أعلم قالوا وليس الصلاة والزكاة في التقدمة من هذا الباب في شيء لأنهما فرضان مختلفان أحدهما في بدن والاخر في بدن وقد يجب أحدهما على من لا يجب عليه الآخر وكذلك الدية والرقبة شيئان لا يحتاج فيهما إلى الرتبة وأما الطهارة ففرض واحد مرتبط بعضه ببعض كالركوع والسجود وكالصفا والمروة اللذين أمرنا فيهما بالترتيب قالوا والفرق بين جمع زيد وعمرو في العطاء وبين أعضاء الوضوء أنه ممكن أن يجمع بين زيد وعمرو في عطية وليس ذلك ممكنا في أعضاء الوضوء إلا على الرتبة فالواجب ألا يقدم بعضها على بعض لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك قط ولو جاز لفعله لأنه كان إذا خير بين أمرين أتاهما وربما اختار أيسرهما فلما لم يفعل ذلك دل على أن الرتبة في الوضوء كهي في الركوع والسجود المجتمع عليهما والله أعلم ورجحوا قولهم بالاحتياط الواجب في أداء الفرائض قالوا لأن من توضأ على النسق وصلى كانت صلاته تامة بإجماع هذا جملة ما احتج به أصحاب الشافعي لهذه المسألة ولهم إدخالات واعتراضات وعليهم مثلها يطول الكتاب بذكرها ولا معنى للإتيان بها والله أعلم ((2 - باب وضوء النائم إذا قام إلى الصلاة)) 40 - مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
(١٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 ... » »»