الديباج على مسلم - جلال الدين السيوطي - ج ١ - الصفحة ٢٠
من هو مجتهد مثلي، وليس في العصر مجتهد إلا أنا.
وقد نكت عليه أبو العباس الرملي فقال: إنه وقف على ثمانية عشر سؤالا فقهيا سئل عنها الجلال السيوطي من مسائل الخلاف المنقولة فأجاب عن نحو شطرها من كلام قوم متأخرين كالزركشي واعتذر عن الباقي بأن الترجيح لا يقدم عليه إلا جاهل أو فاسق!!
قال الشمس الرملي - وهو ولد أبي العباس - فتأملت فإذا أكثرها من المنقول المفروغ منه، فقلت: سبحان الله! رجل ادعي الاجتهاد وخفي عليه ذلك، فأجبت عن ثلاثة عشر منها في مجلس واحد بكلام متين وبت على عزم إكمالها فضعفت تلك الليلة.
وغمط السيوطي - في غمرة دفاعه عن لقبه - حق كثير من العلماء الأكابر فقال في " مسالك الحنفا " معرضا بالسخاوي: " إني بحمد لله قد اجتمع عندي الحديث والفقه والأصول وسائر الآلات من العربية والمعاني والبيان وغير ذلك، فأنا أعرف كيف أتكلم وكيف أقول وكيف أستدل وكيف أرجح؟! أما أنت يا أخي - وفقني الله وإياك - فلا يصلح لك ذلك، لأنك لا تدري الفقه ولا الأصول ولا شيئا من الآلات.
والكلام في الحديث والاستدلال به ليس بالهين ولا يحل الاقدام على التكلم فيه إلا لمن جمع هذه العلوم، فاقتصر على ما أتاك الله وهو أنك إذا سئلت عن حديث تقول: ورد أو لم يرد، وصححه الحفاظ أو حسنوه أو ضعفوه، لا يحل لك الافتاء سوى هذا القدر وخل ما عدا ذلك لأهله.
كذا قال!! ولا ريب أن السيوطي صاحب فنون، وظاهر من تصانيفه أنه
(٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 ... » »»