عمدة القاري - العيني - ج ٢١ - الصفحة ٧١
43 ((باب: * (العجوة) *)) أي: هذا باب فضل العجوة على غيرها من التمر وفي (الترغيب) على أكلها وهي بفتح العين المهملة وسكون الجيم وهي أجود تمر المدينة ويسمونه: لينة، وقيل: هي أكبر من الصيحاني يضرب إلى السواد، وذكر ابن التين أن العجوة غرس النبي صلى الله عليه وسلم.
5445 حدثنا جمعة بن عبد الله حدثنا مروان أخبرنا هاشم بن هاشم أخبرنا عامر بن سعد عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من تصبح كل يوم سبع تمرات عجوة لم يضره في ذالك اليوم سم ولا سحر.
مطابقته للترجمة ظاهرة. وجمعة، بضم الجيم وسكون الميم: ابن عبد الله بن زياد بن شداد السلمي أبو بكر البلخي، ويقال: اسمه يحيى وجمعة لقب، ويقال له أيضا: أبو خاقان وكان من أئمة الرأي أولا ثم صار من أئمة الحديث. قال ابن حبان في (الثقات): مات سنة ثلاث وثلاثين ومائة وليس له في البخاري بل ولا في الكتب الستة سوى هذا الحديث، ومروان هو ابن معاوية الفزاري بفتح الفاء وتخفيف الزاي وبالراء، وهاشم بن هاشم بن عتبة بضم العين المهملة وسكون التاء المثناة من فوق ابن أبي وقاص الزهري، وعامر بن سعد يروي عن أبيه سعد بن أبي وقاص، وأبو وقاص اسمه مالك بن أهيب الزهري.
والحديث أخرجه البخاري أيضا في الطب عن علي بن عبد الله وأخرجه مسلم في الأطعمة عن أبي بكر بن أبي شيبة وغيره. وأخرجه أبو داود في الطب عن عثمان بن أبي شيبة وأخرجه النسائي في الوليمة عن إسحاق بن إبراهيم وغيره.
قوله: (من تصبح)، أي: أكل صباحا قبل أن يأكل شيئا. قوله: (عجوة)، مجرور بالإضافة من إضافة العام إلى الخاص، ويروى: عجوة بالنصب على التمييز. قوله: (لم يضره)، بضم الضاد وتشديد الراء من الضرر، ويروى: لم يضره، بكسر الضاد وسكون الراء من ضاره يضيره ضيرا إذا أضره. قوله: (سم)، يجوز الحركات الثلاث في السين، وقال الخطابي: كونها عوذة من السحر والسم إنما هو من طريق التبرك لدعوة سلفت من النبي صلى الله عليه وسلم فيها، لا لأن من طبع التمر ذلك.
وقال النووي: تخصيص من عجوة المدينة وعدد السبع من الأمور التي علمها الشارع ولا نعلم نحن حكمتها فيجب الإيمان بها وهو كأعداد الصلوات ونصب الزكاة، وقال المظهر: يجوز أن يكون في ذلك النوع منه هذه الخاصية، وفي (العلل الكبير: الدارقطني: من أكل مما بين لابثي المدينة سبع تمرات على الريق، وفي لفظ: من عجوة العالية الحديث، وروى الدارمي بإسناده من حديث عائشة، رضي الله تعالى عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: في عجوة العالية شفاء أو ترياق أول البكرة على الريق، وعن شهر بن حوشب عن أبي سعيد وأبي هررة رفعاه العجوة من الجنة وفيها شفاء من السم، وعن مشمعل بن إياس: حدثني عمرو بن سليم حدثني، رافع بن عمرو المزني مرفوعا: العجوة والصخرة من الجنة، روى ابن عدي من حديث الطفاوي عن هشام عن أبيه عن عائشة مرفوعا، يمنع من الجذام أن يأخذ سبع تمرات من عجوة المدينة كل يوم يفعل ذلك سبعة أيام ثم قال: لا أعلم رواه بهذا الإسناد غير الطفاوي، وله غرائب وإفرادات وكلها يحتمل ولم أر للمتقدمين فيه كلاما. قلت: قال ابن معين: فيه صالح. وقال أبو حاتم: صدوق، والطفاوي بضم الطاء وتخفيف الفاء نسبة إلى بني طفاوة وقيل: الطفاوة منزل بالبصرة، وقال الطيبي في قوله صلى الله عليه وسلم: من عجوة المدينة تخصيص المدينة، أما لما فيها من البركة التي حصلت فيها بدعائه أو لأن تمرها أوفق لمزاجه من أجل قعوده بها.
44 ((باب: * (القران في التمر) *)) أي: هذا باب في بيان حكم القران في التمر ولم يذكر حكمه اكتفاء بالذي ذكره في حديث الباب، وهو أنه صلى الله عليه وسلم نهى عنه والقران: بكسر القاف من قرن بين الشيئين يقرن ويقرن بضم الراء وكسرها قرانا والمراد ضم تمرة إلى تمرة لمن أكل مع جماعة، وقد ورد في لفظ الحديث القران والإقران من أقرن، والمشهور استعماله ثلاثيا وعليه اقتصر الجوهري. وحكى ابن الأثير: الإقران.
(٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 ... » »»