عمدة القاري - العيني - ج ٢١ - الصفحة ٧٠
معهودها وحملها يقال: خاس فلان عهده إذا خانه أو تغير عن عادته وخاس الشيء إذا تغير، وروى خنست، بخاء معجمة ثم نون أي: تأخرت. قوله: (ولم أجد)، بفتح الهمزة وكسر الجيم وتشديد الدال ويجوز في مثل هذه المادة ثلاثة أوجه: الفتح في آخره والكسر وفك الإدغام. قوله: (استنظره)، أي: اطلب منه أن ينظرني إلى قابل أي: عام آت. قوله: (فيأبى)، أي: فيمتنع اليهودي عن النظرة. قوله: (فأخبر)، على صيغة المجهول من الماضي، قيل: يحتمل أن يكون بضم الراء على صيغة نفس المتكلم من المضارع والضمير فيه لجابر، ووقع في رواية أبي نعيم (المستخرج) فأخبرت. قوله: (أبا القاسم)، أي: يا أبا القاسم فحذف منه حرف النداء. قوله: (عريشك)، العريش ما يستظل به عند الجلوس تحته، وقيل: البناء، على ما يجيء الآن أراد أين المكان الذي اتخذته في بستانك لتستظل به وتقبل فيه؟ قوله: (فجئته)، أي: النبي، صلى الله عليه وسلم. قوله: (قبضة أخرى)، أي: من الرطب. قوله: (فقام في الرطاب في النخل الثانية)، بالنصب أي: المرة الثانية، ولا يظن أنه صفة النخل لأنه ما ثم إلا نحل واحد. قوله: (جد)، بضم الجيم وتشديد الدال المفتوحة. وهو أمر من جد يجد، ويجوز فيه أيضا الأوجه الثلاثة المذكورة، ولا يدرك طعم هذا إلا من له يد في علم الصرف. قوله: (وأقض)، أمر من القضاء. أي: افض الدين الذي عليك، يعني: أوفه لليهودي. قوله: (وفضل مثله)، أي: مثل الدين، ويروى: وفضل منه. قوله: (أشهد أني رسول الله)، إنما قال ذلك لأن فيه خرق العادة الظاهرة، وهو دليل من أدلة النبوة وعلم من أعلامها حيث قضى بالقليل الذي لم يكن يفي بدينه تمام الدين وفضل منه مثله.
(عرش وعريش بناء. وقال ابن عباس: معروشات ما يعرش من الكروم وغير ذالك، يقال: عروشها أبنيتها قال محمد بن يوسف: قال أبو جعفر: قال محمد بن إسماعيل فخلى ليس عندي مقيدا ثم قال: نخلا ليس فيه شك).
هذا كله لم يثبت إلا للمستملي. قوله: (عرش وعريش بناء) يعني: أن العرش بفتح العين وسكون الراء، وعريش بكسر الراء بعدها ياء آخر الحروف ساكنة معناهما بناء هكذا فسره أبو عبيدة. قوله: (وقال ابن عباس: معروشات) قد مر هذا في آخر تفسير سورة الأنعام. قوله: (يقال: عروشها أبنيتها) أشار به إلى تفسير قوله تعالى: * (خاوية على عرشها) * (البقرة: 259) أي: على أبنيتها، وهو تفسير أبي عبيدة أيضا. ومحمد بن يوسف هو الفربري، وأبو جعفر محمد بن أبي حاتم، ومحمد بن إسماعيل هو البخاري قوله: (فخلا ليس عندي مقيدا) أي: مضبوطا، ثم قال: (نخلا) يعني: بالنون والخاء المعجمة (ليس فيه شك) هذا هو الذي يظهر، والله أعلم.
42 ((باب: * (أكل الجمار) *)) أي: هذا باب في بيان أكل الجمار، وهو بضم الجيم وتشديد الميم جمع جمارة، وهي قلب النخلة وشحمتها.
5444 حدثنا عمر بن حفص بن غياث حدثنا أبي حدثنا الأعمش قال: حدثني مجاهد عن عبد الله بن عمر، رضي الله عنهما. قال: بينا نحن عند النبي صلى الله عليه وسلم، جلوس إذ أتي بجمار نخلة. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن من الشجر لما بركته كبركة المسلم فظننت أنه يعني النخلة، فأردت أن أقول: هي النخلة يا رسول الله؟ ثم التفت فإذا أنا عاشر عشرة أنا أحدثهم فسكت فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هي النخلة.
مطابقته للترجمة ظاهرة. من حديث ذكر الجمار، وليس فيه ذكر أكلها، ولكن من المعلوم أنه إنما أتى بها إلى النبي صلى الله عليه وسلم لأجل أكلها.
وهذا الحديث قد مضى في كتاب العلم فإنه أخرجه فيه في أربعة مواضع: الأول: في: باب قول المحدث حدثنا قتيبة عن إسماعيل بن جعفر بن عبد الله بن دينار عن ابن عمر. والثاني: في: باب طرح الإمام المسألة عن خالد بن مخلد عن سليمان عن عبد الله بن دينار. الثالث: باب الفهم في العلم، عن علي عن سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد. الرابع: في: باب الحياء في العلم، عن إسماعيل عن مالك عن عبد الله بن دينار، وقد مر الكلام فيه.
قوله: (لما بركته) كلمة ما زائدة واللام للتأكيد ويروى: لها بركة أي: للشجر فأنث باعتبار النخلة أو نظرا إلى اعتبار الجنس. قوله: (فظننت أنه) أي: أن النبي صلى الله عليه وسلم يعني أي: يقصد النخلة. قوله: (أحدثهم) أي: أصغرهم سنا، فسكت رعاية لحق الأكابر.
(٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 ... » »»