عمدة القاري - العيني - ج ٢١ - الصفحة ٢٩٢
الياء وتخفيف الجيم وبعد الألف همزة، من وجأته بالسكين إذا ضربته وأصل يجاء يوجيء بكسر الجيم فحذفت الواو لوقوعها بين الياء والكسرة ثم فتحت الجيم لأجل الهمزة. وقال ابن التين: في رواية الشيخ أبي الحسن: يجاء بضم أوله، ولا وجه لذلك، وإنما يبنى للمجهول بإعادة الواو فيقال: يوجأ، ووقع في رواية مسلم: يتوجأ على وزن يتكبر من باب التفعل. قوله: (خالدا مخلدا فيها) أي: في نار جهنم، وجهنم اسم لنار الآخرة غير منصرف إما للعجمة والعلمية، وإما للتأنيث والعلمية، والمراد بذلك إما في حق المستحل أو المراد المكث الطويل لأن المؤمن لا يبقى في النار خالدا مؤبدا. وحكى ابن التين عن غيره: أن هذا الحديث ورد في حق رجل بعينه كافر، فحمله الناقل على ظاهره، وقال بعضهم: هذا بعيد. قلت: لا بعد فيه، فما المانع من ذلك؟
5779 حدثنا محمد أخبرنا أحمد بن بشير أبو بكر أخبرنا هاشم بن هاشم، قال: أخبرني عامر بن سعد قال: سمعت أبي يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من اصطبح بسبع تمرات عجوة لم يضره ذلك اليوم سم ولا سحر.
لم أر أحدا من الشراح ذكر وجه إيراد هذا الحديث في هذا الباب، ولا سيما الشارح الذي يدعي أن في هذا الفن يرجع إليه، وظهر لي فيه شيء من الأنوار الإلهية، وإن كان فيه تعسف، وهو أن الترجمة إنما وضعت للنهي عن استعمال السم مطلقا. ففي الحديث ما يمنع ذلك من الأصل فبين ذكرهما متعاقبين وجه لا يخفى.
قوله: (حدثني محمد) كذا وقع في رواية الأكثرين مجردا عن نسبته، ووقع لأبي ذر عن المستملي: محمد بن سلام، وأحمد بن بشير بفتح الباء الموحدة وكسر الشين المعجمة أبو بكر مولى امرأة عمرو بن حريث الكوفي من أفراد البخاري سوى هذا الموضع، وقال ابن معين: لا بأس به، هكذا رواه عباس الدوري عنه، وقال عثمان الدارمي، عن ابن معين: متروك، ورد عليه الخطيب، وقال: التبس على عثمان بآخر، يقال له: أحمد بن بشير، لكن كنيته أبو جعفر وهو بغدادي من طبقة صاحب الترجمة، فلأجل ذلك قيد البخاري أحمد بن بشير بذكر كنيته أبو بكر دفعا للالتباس، مات هو بعد وكيع بخمسة أيام، ومات وكيع سنة تسع وتسعين ومائة.
والحديث قد مر عن قريب في: باب الدواء بالعجوة.
57 ((باب ألبان الأتن)) أي: هذا باب في بيان حكم ألبان الأتن، وبيان الحكم في الحديث. والأتن بضم الهمزة والتاء المثناة من فوق: جمع أتان، وهي الحمارة.
5780 حدثني عبد الله بن محمد حدثنا سفيان عن الزهري عن أبي إدريس الخولاني عن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه قال: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن أكل كل ذي ناب من السبع قال الزهري: ولم أسمعه حتى أتيت الشأم. (انظر الحديث: 5530 وطرقه).
5781 وزاد الليث، قال: حدثني يونس عن ابن شهاب قال: وسألته: هل نتوضأ أو نشرب ألبان الأتن أو مرارة السبع أو أبوال الإبل؟ قال: قد كان المسلمون يتداوون بها فلا يرون بذلك بأسا، فأما ألبان الأتن فقد بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن لحومها ولم يبلغنا عن ألبانها أمر ولا نهي. وأما مرارة السبع قال ابن شهاب: أخبرني أبو إدريس الخولاني أن أبا ثعلبة الخشني أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن أكل كل ذي ناب من السبع. (انظر الحديث: 5530 وطرفه).
مطابقته للترجمة لا تخفى. وعبد الله بن محمد هو المسندي، وسفيان هو ابن عيينة، والزهري هو محمد بن مسلم بن شهاب، وأبو إدريس هو عائذ الله بالذال المعجمة الخولاني، وأبو ثعلبة بالثاء المثلثة في اسمه اختلاف كثير، والأكثر على أنه جرهم بالجيم والراء.
والحديث مضى في الذبائح في: باب أكل كل ذي ناب من السباع.
قوله: (من السبع) كذا هو في رواية المستملي والسرخسي بلفظ الإفراد، والمراد الجنس، وفي رواية الأكثرين من السباع بالجمع. قوله: (ولم أسمعه) أي: الحديث المذكور.
(٢٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 287 288 289 290 291 292 293 294 295 296 297 ... » »»